.

.
الأربعاء، 30 مارس 2016

الخلق العظيم للرسول الكريم | السيد محمد رضا الشيرازي

بسم الله الرحمن الرحيم 
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين … 
قال الله تعالى في كتابه الحكيم ((وانك لعلى خلق عظيم )) صدق الله العلي العظيم 
الحوافز الأخلاقية هي عبارة عن الدوافع الباطنية التي تحرك الفرد نحو اتخاذ موقف أخلاقي معين وهذه الدوافع تتنوع الى ثلاثة أنواع :
النوع الأول الدوافع القهرية وهي عبارة عن ان الفرد يتخذ موقفا أخلاقيا لأنه ملجأ لاتخاذ ذلك الموقف او لأنه مكره لاتخاذه ..وهناك رواية عن رسول الله محمد (صلى الله عليه واله )) ان هنالك بعض المتدينين هؤلاء يقومون بالواجبات ويحجون الى بيت الله ويعملون ما يجب عليهم ..ولا يرتكبون الحرام ..لماذا ؟؟لانه لم يتوفر أمامهم .. وهو غير متورع عن ارتكاب الحرام لانه لايوجد لديه خوف داخلي من الله سبحانه وتعالى ولكن لايتمكن (فاذا عرض لهم الحرام وثبواعليه )والعياذ بالله ..وهذا يبقى على قول ذلك الرجل انه كتم في قلبه حب الدنيا أربعين عاما..وهو عبد من عبيد الدنيا وليس عبدا من عبيد الله ولكن هذا الحب للدنيا وهذه العبودية كانت مكتومة في قلبه أربعين عاما ..وليست يوما او يومين او ثلاثة أيام ..فاذا في يوم من الأيام عرضت له الدنيا ..وعرض عليه الخليفة الدنيا فوثب على هذه الدنيا …هذا التعفف ما كان لدافع ذاتي وإنما كان لدافع قهري .
النوع الثاني من الدوافع /الدوافع المصلحية ..وهي مصلحة مقابل مصلحة ومنفعة مقابل منفعة انا أصله لانه يصلني ..هذه تجارة انا احترمه لانه يحترمني هذه تجارة  وهي بمعنى البيع وهو كما يعرفه الشيخ الأعظم رحمة الله عليه مبادلة مال بمال ..مال يخرج من جيب هذا الرجل ويذهب الى جيب ذلك الرجل ..وهذا هو البيع انا احترمه لانه يحترمني .هذه تجارة وان لم تكن مبادلة مال بمال وإنما مبادلة احترام باحترام ..وهذا نوع من أنواع التجارة ,
النوع الثالث //وهذه حقيقة الأخلاق والرجل الخلوق هو الذي ينطلق في أخلاقه من الدوافع الإلهية .لان هذا العمل محبوب لله انا ابر لوالدي وليس لان والدي يبر بي انا ليس لي علاقة بان والدي يبر بي او لايبر بي ..بل لان الله تعالى يحب البر بالوالد فانا ابر بوالدي ..انا أتواصل مع أخي المؤمن ليس لانه يتواصل معي بل لان صلة الرحم محبوبة عند الله ..
البيئة التي جاء فيها النبي الأعظم محمد (صلى الله عليه واله وسلم )ما هو موقفها من الناحية الاخلاقية .وانتم لابد وان سمعتم عن أخلاق العرب ..ماذا كانت حقيقة تلك البيئة الاخلاقية ؟ الحقيقة انه كانت هناك نوادر ولا أريد ان أقول حكما عاما .ولكن انتم اذا نظرتوا الى الظاهرة العامة أما الدوافع القهرية كانت هي الحاكمة وأما الدوافع المصلحية هي التي كانت تحكم في البيئة التي بعث فيها النبي …والرجل العربي يقول ((انصر أخاك ظالما او مظلوما ))وهذا ينسجم مع الخلق الإلهي لانه أخوك او لانه من عشيرتك ..الرجل من عشيرتي أفضل من الرجل من عشيرة غيري واذا حدث هنالك خلاف ….فأخي على حق وان كان على باطل ..هذه هي الاخلاقية الجاهلية . لذلك تجدون في ديوان الحماسة الشاعر العربي في تلك القصيدة المعروفة يقول :
لا يسألون أخاهم حين يندبهم 
في النائبات على ما قال برهانا  
اذا أخاهم قال واعشيرتي …واقبيلتي .فانه لا يحتاج الى برهان لما يقول ..هذا من قومي ومن عشيرتي ..أذن يجب ان انتصر له ..لاحظوا المنطلق حقيقة ..ذلك الرجل المعروف بجوده وكرمه .لاحظ المنطق يقول كانت زوجته ماوية تقول لماذا تنفق ؟..اذا كان رجل عربيا أراد ان يشتهر في المجتمع عنده ناقة ولا يوجد غيرها يأتيه شعراء فيذبح هذه الناقة ثم ذلك الشاعر يذهب ويمدح هذا الرجل هل هذه أخلاق أم تجارة؟؟ اذبح ناقتي مقابل مدح …هذه ليست أخلاق ..انما هذه تجارة ..ان ذلك الرجل الكبير يقول لزوجته ((اماوية ان المال غاد ورائح  
                                                            ويبقى من المال الأحاديث والذكر)
أي ان المال ليست له قيمة حيث انه يذهب ويروح والذي يبقى هو الذكر الطيب .وهذا ليس منطلقا إلهيا هذا منطلق لايرضاه الله سبحانه وتعالى أي ان شخصا يكون كريما لكي يذكره المجتمع ..هذه ليست أخلاق إلهية هذه أخلاق نفعية ..النبي صلى الله عليه واله وسلم جاء في هذا المجتمع ..وأقام قاعدة أخلاقية جديدة وهي القاعدة التي بشرت بها الكتب الماضية تحمل نمطا جديدا ومنهجا جديدا 
(جمعت في صفاتك الأضداد 
                    ولهذا عزت لك الأنداد )
سهل كان رجلا توفي أبوه فعاش في كفالة عمه ..والذي كان ظاهرا راهب من رهبان المسيحية وعالم من علمائها يقول انا كنت في يوما من الأيام كنت اقرأ الإنجيل وصلت الى ورقة رابتني …وعندما ورقتها رأيت ان وضعها ليس طبيعيا فتعجبت فلمستها ودققت فيها فوجدت انها ورقة قد جمع بعضها البعض بصمغ فقلت في نفسي في (في الإنجيل لماذا هذه القضية ؟) ففتقت هذه الورقة فوجدت فيها (انه سيأتي في آخر الزمان نبي وله صفات ولو نظرتم في هذه الصفات لوجدتم ان بعضها مادية معرفة للنبي اومشيرة له وبعضها أوصاف معنوية /ليس بالطويل ولا بالقصير /كان معتدل القامة على كتفه خاتم النبوة لا يقبل الصدقة /لاحظوا انها صفات معينة والان نأتي الى الصفات الاخلاقية ونلاحظ ان الكتب تسلط الضوء على الناحية الاخلاقية في هذا الجانب حيث كتب على الورقة /يركب الحمار/ والكبار في ذلك الوقت لم يكونوا يركبون الحمار لأنها وسيلة مبتذلة مثلما الان هناك بعض الأنواع من السيارات لا يركبها الكبار ولكن النبي صلى الله عليه واله وسلم بذل من حيث القمة الاخلاقية انه لا يهتم بهذه الأشياء…./ويحلب الشاة / حيث كانت هناك شاة في بيت النبي ولم يكن يكلف الخادم او زوجته ان تحلب الشاة بل كان يقوم هو بنفسه المباركة كان يذهب ويحلب الشاة / ويلبس القميص مرقوعا / وليس هناك رجل عنده استعداد ان يلبس قميصا مرقعا قد شقق من عدة أماكن وقد رقع بالخيط ..ولكن النبي وهو أعظم شخصية في هذا الوجود …قمة هذا الوجود الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين وقمة القمم شخص النبي صلى الله عليه واله ولكنه يلبس القميص مرقوعا  / من ولد إسماعيل واسمه احمد / يقول سهل “كنت أطالع في التوراة ” والان طالعوا في التوراة والإنجيل يوجد اسم النبي محمد باسم بارقليطا وهذا الاسم بلغتهم يعني احمد …………………..
 يقول في هذه الأثناء جاء عمي واخذ مني الورقة والإنجيل غاضبا واخذ يضربني وقال لي لماذا تقرا هذه الورقة ؟ قلت لان فيها صفة نبي آخر الزمان إلا انه لم يأت بعد وكل الأوصاف تنطبق على هذا النبي ولكن الكبر والحسد والحقد وما شابه ذلك منعكم من الاعتراف بالحق ..وهذا هو النبي (صل) وفي فتح مكة وهو يعني ذروة قوة النبي من الناحية الظاهرية وهذه العاصمة التي حاربت النبي طويلا الان وقعت تحت يديه وهو الحاكم المطلق وهو يستطيع ان يعمل كل شيء وحقيقة الأخلاق عند الفرد تظهر في مواقع القدرة .أي عندما تأتي بيده القدرة وأيا كان نوعها وكان هنالك أربعة والمسلمون كانوا يبحثون عنهم في كل مكان ليقتلوهم لأنهم كثيرا ما أذوهم ويعتبرون من الجناة وكثيرا ما قتلوا وظلموا وسلبوا وحاربوا الإسلام عشرين سنة وجيشوا الجيوش ضد رسول الله وقتلوا الكثير من المسلمين واحدهم كان عكرمة وعندما دخل النبي مكة فان عكرمة فر وذهب الى البحر لكي يذهب فيما بعد الى منطقة نائية انظروا الى أخلاق النبي …جاءت زوجة عكرمة ويقال عنها انها كانت امرأة عاقلة مدبرة وقالت له ان عكرمة فر الى البحر ولا امن عليه الهلاك .. فان شئت ان تؤمنه أي تعطيه الأمان فقال النبي انا أمنته بأمان الله هو بأمان الله وبأمان رسول الله ..المراة جاءت الى البحر ورأت ان الرجل ركب السفينة واخذ يبتعد وأخذت تلوح له وتناديه يا عكرمة توقف فقال ما الخبر ..وهي امرأة مشركة قالت / جئتك من عند أكرم الخلق وابر الخلق وأوفى الخلق قال من هو ؟ قالت انه محمد وقد أخذت لك الأمان قال اانت كلمتيه؟ قالت نعم جاء الى رسول الله /وقبل ان يصل عكرمة اليه انظروا الى هذه اللفتة ..قال الرسول لأصحابه لا تشتموا أباه عندما يأتي وأبوه هو ذلك الرجل الذي حارب الرسول سنين طوال وكان من اعتى أعدائه وهو أبو جهل  وقال فيه النبي ان هذا الرجل اعتى على الله من فرعون لان فرعون عندما أدركه الغرق قال آمنت ولكن هذا الرجل عندما أتاه الموت قال واللات اقسم باللات والعزى وهذا اعتى على الله من فرعون ولكن النبي يقول لأصحابه اذا جاء عكرمة فلا تسبوا أباه …فان سب الميت يؤذي الحي وعندما جاء عكرمة الى رسول الله قام اليه واعتنقه ..لاحظوا هذه الأخلاق  ((وانك لعلى خلق عظيم )) ثم قال له انت امن يا عكرمة وعندما رأى هذه الاخلاق وهي ليست أخلاق الملوك وليست أخلاق الجبابرة  وهي أخلاق الأنبياء فقال :اشهد إلا اله الاالله  وانك رسول الله ثم قال يا رسول الله والله انك لأوفى الخلق وأكرم الخلق وابر الخلق واني مطاطا راسي خجلا منك وحياءا (عشرين عاما عدو لله ولرسوله ) فاستغفر لي الله ثم قال النبي اللهم اغفر لعكرمة ثم قال عكرمة يا رسول الله دلني على أفضل عمل اعمله اكفر به عن الماضي ..قال جاهد في سبيل الله هذا أفضل عمل يعمله المرء في حياته ..فذهب عكرمة .يقول هو وكل ما أنفقته في الشرك ضد النبي أنفقت ضعفه لأجل النبي …واشترك في الغزوات وقاتل وقاتل حتى قتل في إحدى المعارك في سبيل الله .هذه صفحة من أخلاق رسول الله التي قال الله العظيم فيها (انك لعلى خلق عظيم) …
صفية بنت حيي ابن اخطب امرأة أبوها يهودي النبي اعتقها وتزوجها في قضية مفصلة ..اثنين من زوجات النبي كانت تؤذيان هذه المراة  واللتان قال الله عنهما في سورة التحريم ( وان تظاهرا عليه فان الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) حيث كانتا تؤذيان هذه المراة وتعيرانها وتقولان لها يا بنت اليهودية (لان أمها يهودية وأبوها يهودي )وجاءت صفية في يوم من الأيام الى رسول الله وهي تشكو ما تفعلان بها هاتان المرأتان ..وانظروا كيف عالج النبي هذه المشكلة وهذا الموقف وحقيقة لو كانت هذه الاخلاق نعملها في عوائلنا واذا كنا في هذه المناسبة نتعلم من رسول الله فان حياتنا العائلية على أفضل ما يكون في كل بيت قال لها النبي / اذا قالتا لك يا بنت اليهودية فقولي لهما :ان أبي هارون وصي نبي الله وعمي موسى كليم الله وزوجي محمد رسول الله أفلا يكفيكما ذلك …المرأتان قالتا تلك الكلمة يا بنت اليهودية ثم قالت صفية تلك الكلمات فسكتتا وانتهت القضية وفي هذه الأيام ونحن نعيش مبعث النبي ينبغي أولا على المؤمنين أيدهم الله ان يهتموا بهذه المناسبة واذا يتمكن احد الآباء او الأمهات ان يقتنوا الكتب حول رسول الله ويعطوها لأولادهم ليطالعوها واذا  أمكنهم كذلك ان يتحدثوا عن السيرة النبوية المعطرة وان يقوموا بإعطاء أولادهم هدايا ولو كانت رمزية بهذه المناسبة احياءا لهذه الذكرى في نفوس الأجيال وقبل كل ذلك ومع كل ذلك وبعد كل ذلك نصمم على ان نتعلم من رسول الله هذا الخلق العظيم ..نسال الله تعالى ان يوفقنا للاقتداء بالنبي واله الطاهرين وان يجعلنا معهم في الدنيا والآخرة ……………..    
اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي