.

.
الأحد، 28 يونيو 2015

و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض...


من سلسلة :: و أشرقت الأرض بنور ربها _ 2
تـحـــقـــيــق :: صفاء البدري

بسم الله الرحمن الرحيم

وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ استُضعِفُوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوَارِثِينَ  (القصص:5)


أن القرآن الكريم يخاطب الحاضنة الفكرية للانسان بكل طبقاتها و بكل أنواعها و لعل في هذه الآية الكريمة مثال على ذلك الخطاب , فالآية الكريمة على الرغم من وضوح مكنونها و صراحة خطابها فهي من أهم الآيات المختلف عليها . عند الامامية هذه الآية تعد من خطابات البارئ عز وجل التي وعد فيها اهل البيت (صلوات الله عليهم )  بتمام نصرته لهم بظهور أمره على يد المهدي المهدي المنتظر – ولعلها من الأيات التي رسخت فكرة المنقذ , بل و لخصت كذلك ماهية و مقدار احتياج الأمة الى هذا المنقذ , فنحن نحتاج معرفة احتياجاتنا من الأمام المهدي و ماذا يريد هو منّا , و من الآية الكريم بدا لنا أن بوجود هذا المنقذ  تتم تحقيق الارادة الالهية و هذا من واضح عظمة و أهمية الوجود المهدوي على الأرض . اذ ان الله عز وجل جعل على يديه تحقيق ارادته في ارضه , الآن ماهية الارادة الالهية تحتاج الى بحث مفصل لما فيها من مواطن اختلاف بين الامامية وغيرهم . 

ان الاختلاف الذي وقع فيه غير الأمامية عنهم و الذي يهمنا في موضوعنا هو من تصنيفات الاختلافات الجذرية . اذ يبدو أنهم لم ينكروا المقصد من الارادة و انما لم نجد في مصادرهم من الروايات التي تدل على ان هذه الأية فيها تأويل صريح يبنى عليه  الوجود المهدوي الا بعض الروايات المتفرقة و التي لم تتكلم بالصراحة التي تكلمت بها روايات اهل البيت ( صلوات الله عليهم )  , فالانكار وقع في مكنون و مضمون الأية الكريمة.



تفسير الأية عند الشيعة الامامية :

- في تفسير القمي الجزء الثاني للأية الخامسة من سورة القصص : 

ثم خاطب الله نبيه صلى الله عليه وآله فقال: (نتلوا عليك يا محمد من نبأ موسى وفرعون - إلى قوله - انه كان من المفسدين) فأخبر الله نبيه بما لقي موسى واصحابه من فرعون من القتل والظلم ليكون تعزية له فيما يصيبه في اهل بيته من امته ثم بشره بعد تعزيته انه يتفضل عليهم بعد ذلك ويجعلهم خلفاء في الارض وأئمة على امته ويردهم إلى الدنيا مع اعدائهم حتى ينتصفوا منهم فقال: (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما) وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم وقوله (منهم) اي من آل محمد (ما كانوا يحذرون) اي من القتل والعذاب ولو كانت هذه الآية نزلت في موسى وفرعون لقال ونري فرعون وهامان وجنودهما منه ما كانوا يحذرون اي من موسى ولم يقل منهم فلما تقدم قوله " ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " علمنا ان المخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله وما وعد الله به رسوله فانما يكون بعده والائمة يكونون من ولده وإنما ضرب الله هذا المثل لهم في موسى وبني اسرائيل وفي اعدائهم بفرعون وهامان وجنودهما فقال: إن فرعون قتل بني اسرائيل وظلم من ظلمهم فأظفر الله موسى بفرعون واصحابه حتى اهلكهم الله وكذلك اهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله اصابهم من اعدائهم القتل والغصب ثم يردهم الله ويرد اعداء‌هم إلى الدنيا حتى يقتلوهم.



- ما رواه الشيخ الصدوق في معاني الأخبار ص 79 بسنده عن المفضل بن عمر قال: (سمعتُ أبا عبدالله (ع) يقول: انَّ رسول الله (ص) نظر إلى عليٍّ والحسن والحسين (ﻉ) فبكى وقال: انتم المستضعفون بعدي، قال المفضَّل: فقلتُ له: ما معنى ذلك يا ابن رسول الله (ص): قال معناه انَّكم الأئمة بعدي، انَّ الله عزَّ وجلَّ يقول﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة .


- ما رواه الشيخ الصدوق في الأمالي ص566 بسنده عن أبي الصادق قال: قال لي عليٌّ (ع): هي لنا وفينا هذه الآية ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾



-ما رواه الطوسي في الغيبة ص184 بسنده عن محمد بن الحسين عن أبيه علي بن الحسين (ع) عن جدِّه عن عليٍّ (ع) في قوله تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾قال هم آل محمد، يبعث اللهُ مهديَّهم بعد جهدهم فيُعزِّهم ويذل عدوهم.

-ما رواه فرات الكوفي في تفسيره ص314 بسنده عن ثوير بن أبي فاخته قال: قال لي عليُّ بن الحسين (ع) أتقرأ القرآن؟ قال: قلتُ: نعم قال (ع): فاقرأ طسم سورة موسى وفرعون قال: فقرأتُ أربع آيات من أول السورة إلى قوله: ﴿وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ قال لي: مكانك، حسبك، والذي بعث محمدًا (ص) بالحق بشيرًا ونذيرًا إنَّ الأبرار من أهل البيت وشيعتهم كمنزلة موسى وشيعته .

- ما رواه الكليني في الكافي ج1ص306 بسنده عن أبي الصباح الكناني قال: نظر أبو جعفر (ع) إلى أبي عبدالله (ع) يمشي فقال: ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عزَّ وجلَّ ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ .


و روايات اخرى عديدة قريبة في مفادها من هذه الروايات , مقتضاها جميعاً هو تحقيق الارادة الالهية بتمكين آل محمد في الارض ( صلوات الله عليهم ) . و يبدو أن هذه الروايات لم تكن بصدد تفسير الأية الكريمة و لا في بيان سبب نزولها و لكن كونها مؤولة في أهل البيت عليهم السلام . 



أما عند غير الأمامية فلم نرَ الا بعض الروايات امثال :

- كتاب (شواهد التنزيل) بعض الروايات التي تشير الى ذلك، منها رواية عن علي (عليه السلام) انه قال عن الآية المذكورة: هي لنا - او فينا - (شواهد التنزيل 1/557).




 - أشار الفخر الرازي في تفسيره 22/230 الى مسألة الإمام المهدي (عليه السلام) في قوله تعالى: (( وَلَقَد كَتَبنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ )) (الانبياء:105)، حيث ذكر أن الأرض ترثها أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عند نزول عيسى بن مريم (عليه السلام)، وهذا يلازم ظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه) كما هو المنقول عن الفريقين.


الثلاثاء، 23 يونيو 2015

ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون

من سلسلة : و أشرقت الارض بنور ربها - 1
تحـــقيـــق : صفاء البدري

بسم الله الرحمن الرحيم 
ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون - الانبياء : 105

ان الاية الكريمة من سورة الانبياء هي من اهم الدلائل القرآنية على تكلم نص القرآن الصريح بوجود نظرية و تبلور فكرة المهدي في أصل الاسلام , حيث تتكلم الآية الكريمة عن آخر الزمان و مآل الامور , و لهذا نجد ان فكرة المهدي المنتظر لا يختلف عليها اثنان في جميع مذاهب الاسلام - في اصل الفكرة - بل وكذلك في الاديان الأخرى كما أوضحت الآية الكريمة " و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر " .. مما يبين لنا ان الله عز وجل قد اراد ترسيخ فكرة الامام المهدي في نفوس خلقه و في كل الاديان و الكتب السماوية . لكن شح النفس البشرية و انسياقها الى حطام الدنيا قد اضاف الى هذه الفكرة اختلافات , رغم انه لم نرى انكار الفكرة بحد ذاتها في النفس الدينية لأي من الاديان او المذاهب المختلفة , فالكل يؤمن بوجود منقذ مبعوث من قبل الله خليفته في ارض يملأ الارض قسطاً و عدلاً كما ملئت ظلماً و جوراً ..

مواطن الاختلاف :

1- مع الاديان الاخرى :
ان فكرة و اعتقاد المنقذ او المصلح ثانبتة عند اليهود في توراتهم و كذلك في كتبهم المعتبرة , و لعل من قوة هذه العقيدة محاولاتهم لتحديد زمن الظهور و محاولاتهم لتأسيس الدولة اليهودية التي يعتقدون انها مصدر قوتهم و محاولاتم الدؤوبة للسيطرة الاقتصادية على العالم .. و يعتقد اليهود انه من ولد اسحاق و من ولد يعقوب و من ولد داوود و انه لم يولد بعد ..
 قال المفسر اليهودي حنان ايل في تعليقته على الفقرة 20 من الاصحاح 17 من سفر التكوين التي تشير الى وعد الله تعالى في اسماعيل وهي (أما إسماعيل فقد سمعت قولك فيه ها أنا ذا أباركه وأنميه وأكثره جدا جدا ويلد اثني عشر رئيسا واجعله أمة عظيمة) .
(نلاحظ من هذه النبوءة في هذه الآية ان 2337 سنة مضت قبل ان يصبح العرب /سلالة إسماعيل/ أمة عظيمة [بظهور الإسلام سنة 624م] في هذه الفترة انتظر إسماعيل بشوق حتى تحقق الوعد الإلهي أخيرا وسيطر العرب على العالم . أما نحن ذرية اسحق فقد تأخر تحقق الوعد الذي أعطي لنا بسبب ذنوبنا . من المؤكد ان هذا الوعد الإلهي سيتحقق فيما بعد فلا نيأس) .

اما في الديانة النصرانية فيعتقدون بان هذا القائد الاسرائيلي هو المسيح عيسى بن مريم وانه قتل على يد اليهود ثم احياه الله تعالى واقامه من الاموات ورفعه الى السماء وانه سينزله في في آخر الدنيا ليحقق به وعده .
قال الفيلسوف الأنکليزي « برتراند راسل » إن العالم بانتظار مصلح يوحد العالم تحت علم واحد وشعار واحد. راجع المهدي للسيد الشهرستاني ص ٦ والمهدي المنتظر في الفكر الإسلامي ص ٩.
وقال أنيشتاين صاحب النظرية النسبية المشهور. « إن اليوم الذي يسود العالم كله الصلح والصفا ويكون الناس متحابين ليس ببعيد ». راجع المهدي الموعود ودفع الشبهات للسيد الشهرستاني ص ٧ ، والمهدي في الفكر الإسلامي ص ٩.

2- عند المسلمين الشيعة : 
أجمع أهل بيت النبوة وآل محمد وهم المصدر الموثوق لعلمي النبوة والكتاب على أنهم قد سمعوا ووعوا رسول الله وهو يتحدث ويؤكد وبكل وسائل التأكيد ، ويبين وبكل طرق البيان حتمية ظهور الإمام المهدي المنتظر ، وأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد ركز على هذه الحتمية تركيزاً خاصاً ، وأعطاها عناية خاصة ، وأجمعوا أيضاً على صحة وتواتر هذه الأحاديث عندهم ، وأنها قد آلت إليهم من النبي كابراً عن كابر ، وتناقلتها أجيالهم المباركة جيلاً بعد جيل. وأهل بيت النبوة يعتبرون الإمام المهدي العظيم ، أو الإمام أو العميد الثاني عشر من عمدائهم ، أن عظمائهم أو أئمتهم ، وأن ظهوره ترتيب وقدر إلهي محتوم ولا مفر من حدوثه.
وتبعاً لإجماع أهل بيت النبوة وآل محمد أجمع موالوهم الذين يعتقدون بحقهم برئاسة الأمة « شيعتهم » على صحة وتواتر الأحاديث والروايات التي تتحدث عن حتمية ظهور الإمام المهدي المنتظر والتي رويت لهم عن طريق أئمة أهل بيت النبوة وتناقلوها جيلاً عن جيل كما هي ، واعتبروها من الكنوز والنفائس النادرة ، التي تسموا بطبيعتها عن التعديل والتبديل والتحريف ، فأورثها السلف للخلف كما أخذها ، وأبعد من ذلك فإن شيعة أهل بيت النبوة ، الذين تخرجوا من مدرسة الأئمة الأطهار ونهلوا منهم العلوم الإسلامية اعتبروا الإمام المهدي ثاني عشر الأئمة الذين أهلهم الله وأعدّهم لقيادة الأمة ، وأمر رسوله بأن يعلن أسماءهم مع الأمر الإلهي بتأميرهم وإمامتهم ، وأن رسول الله قد بلغ ما أوحى إليه من ربه ، فأعلن الأمر الإلهي بإمارتهم ، وسماهم بأسمائهم ، وتسعة منهم يومذاك لم يولدوا بعد ، وحدد زمن إمامة كل واحد منهم ، وأمر المسلمين أن يسمعوا لهم ويطيعوا واعتبر القرآن هو الثقل الأكبر ، وأئمة أهل بيت النبوة هم الثقل الأصغر ، فإن لم يكن الأئمة الأعلام من أهل بيت النبوة هم الثقل الأصغر الذي عناه رسول الله ، فمن عساه أن يكون!! ولكن المسلمين لم يسمعوا ولم يطيعوا ، لأنهم غُلبوا على أمرهم ، فعرفوا الحق بقلوبهم ، ولم تَقْوَ ألسنتهم وأيديهم على تغيير النقيض المفروض بالقوة والتغلب.
.. من كتاب حقيقة الاعتقاد بالامام المهدي المنتظر  لأحمد حسين يعقوب ..

3- عند المخالفين من اهل العامة :ما رواه أحمد والترمذي وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي" وفي رواية لأبي داود: "يواطيء اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي". والحديث قال عنه الترمذي: حسن صحيح، وصححه أحمد شاكر والألباني.
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهدي مني أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلاً، كما ملئت ظلما وجوراً، يملك سبع سنين" رواه أبو داود والحاكم، وحسنه الألباني في صحيح الجامع. 
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المهدي من عترتي من ولد فاطمة" رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني
وعن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة" رواه أحمد وابن ماجه، وصححه أحمد شاكر والألباني. قال ابن كثير في كتابه النهاية في الفتن والملاحم: (أي يتوب الله عليه، ويوفقه ويلهمه، ويرشده بعد أن لم يكن كذلك).

و يعتقد البعض منهم انه لا حقيقة للامام المهدي المنتظر كما يعتقد الاغلب منهم انه لم يولد بعد . و انه يولد في اخر الزمان قبل ظهوره ..
الاثنين، 22 يونيو 2015

على من تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر

إن الملائكة والروح تتنزل بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) على خليفته المنصوب من قبل الله عزوجل, ففي عصر الأئمة (عليهم السلام) كانت تتنزل على إمام بعد إمام حتى وفاة الامام العسكري (عليه السلام), وهي تتنزل منذ ما ينيف على الألف ومائة وخمسين سنة على صاحب العصر والزمان الإمام الحجة بن الحسن (عجل الله فرجه الشريف).

في الكافي للشيخ الكليني - ج 4 - ص 157 قال :
أحمد بن محمد, عن الحسين بن سعيد, عن فضالة بن أيوب, عن العلاء بن رزين, عن محمد بن مسلم, عن أحدهما (عليهما السلام) قال : سألته عن علامة ليلة القدر فقال : علامتها أن تطيب ريحها وإن كانت في برد دفئت ( 2 ) وإن كانت في حر بردت, فطابت قال : وسئل عن ليلة القدر فقال : تنزل فيها الملائكة والكتبة إلى السماء الدنيا فتكتبون ما يكون في أمر السنة وما يصيب العباد وأمره عنده موقوف له وفيه المشيئة فيقدم منه ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء ويمحو ويثبت وعنده أم الكتاب .
وفي الكافي - ج 1 - ص 385  قال :
علي بن محمد, عن عبد الله بن إسحاق العلوي, عن محمد بن زيد الرزامي عن محمد بن سليمان الديلمي, عن علي بن أبي حمزة, عن أبي بصير قال : حججنا مع أبي عبد الله عليه السلام في السنة التي ولد فيها ابنه موسى عليه السلام, فلما نزلنا الأبواء وضع لنا الغداء وكان إذا وضع الطعام لأصحابه أكثر وأطاب, قال : فبينا نحن نأكل إذا أتاه رسول حميدة فقال له : إن حميدة تقول : قد أنكرت نفسي وقد وجدت ما كنت أجد إذا حضرت ولادتي وقد أمرتني أن لا أستبقك بابنك هذا, فقام أبو عبد الله عليه السلام فانطلق مع الرسول, فلما انصرف قال له أصحابه : سرك الله وجعلنا فداك فما أنت صنعت من حميدة ؟ قال سلمها الله وقد وهب لي غلاما وهو خير من برأ الله في خلقه ولقد أخبرتني حميدة عنه بأمر ظنت أني لا أعرف ولقد كنت أعلم به منها, فقلت : جعلت فداك وما الذي أخبرتك به حميدة عنه ؟ قال : ذكرت أنه سقط من بطنها حين سقط واضعا يديه على الأرض, رافعا رأسه إلى السماء, فأخبرتها أن ذلك أمارة رسول الله صلى الله عليه وآله وأمارة الوصي من بعده, فقلت : جعلت فداك وما هذا من أمارة رسول الله صلى الله عليه وآله وأمارة الوصي من بعده ؟ فقال لي : إنه لما كانت الليلة التي علق فيها بجدي أتى آت جد أبي بكأس فيه شربة أرق من الماء وألين من الزبد وأحلى من الشهد وأبرد من الثلج وأبيض من اللبن, فسقاه إياه وأمره بالجماع, فقام فجامع فعلق بجدي ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بأبي أتى آت جدي فسقاه كما سقى جد أبي وأمره بمثل الذي أمره فقام فجامع فعلق بأبي, ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بي أتى آت أبي فسقاه بما سقاهم وأمره بالذي أمرهم به فقام فجامع فعلق بي, ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بابني أتاني آت كما أتاهم ففعل بي كما فعل بهم فقمت بعلم الله وإني مسرور بما يهب الله لي, فجامعت فعلق بابني هذا المولود فدونكم فهو والله صاحبكم من بعدي, إن نطفة الامام مما أخبرتك وإذا سكنت النطفة في الرحم أربعة أشهر وأنشئ فيها الروح بعث الله تبارك وتعالى ملكا يقال له : حيوان فكتب على عضده الأيمن (( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم )) وإذا وقع من بطن أمه وقع واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء فأما وضعه يديه على الأرض فإنه يقبض كل علم لله أنزله من السماء إلى الأرض وأما رفعه رأسه إلى السماء فان مناديا ينادي به من بطنان العرش من قبل رب العزة من الأفق الاعلى باسمه واسم أبيه يقول : يا فلان بن فلان أثبت تثبت, فلعظيم ما خلقتك أنت صفوتي من خلقي وموضع سري وعيبة علمي وأميني على وحيي وخليفتي في أرضي, لك ولمن تولاك أوجبت رحمتي ومنحت جناني وأحللت جواري, ثم وعزتي وجلالي لأصلين من عاداك أشد عذابي وإن وسعت عليه في دنياي من سعة رزقي فإذا انقضى الصوت - صوت المنادي - أجابه هو واضعا يديه رافعا رأسه إلى السماء يقول (( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم )) قال : فإذا قال ذلك أعطاه الله العلم الأول والعلم الآخر واستحق زيارة الروح في ليلة القدر, قلت : جعلت فداك الروح ليس هو جبرئيل ؟ قال : الروح هو أعظم من جبرئيل, إن جبرئيل من الملائكة وإن الروح هو خلق أعظم من الملائكة, أليس يقول الله تبارك وتعالى : (( تنزل الملائكة والروح )). محمد بن يحيى وأحمد بن محمد, عن محمد بن الحسين, عن أحمد بن الحسن, عن المختار ابن زياد, عن محمد بن سليمان, عن أبيه, عن أبي بصير مثله .

المصدر :: مركز الابحاث العقائدية
الجمعة، 19 يونيو 2015

أدلة قرآنية على حياة الامام المهدي ( عجل الله فرجه )

ان حياة الإمام المهدي (عليه السلام) في القرآن تثبت بالرجوع إلى الآيات القرآنية التي تثبت وجوب الإمام في كل عصر, فإثبات وجوب الإمامة لا يعني في وقت دون وقت, فإن ذلك يمتد حتى إلى عصرنا الذي نحتاج فيه الإمام لنفس الغرض الذي نثبته في كل عصر.
أولاً: قال تعالى : (( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد )). روي عن ابن عباس أنه قال : لما نزلت الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أنا المنذر وعليٌ الهادي من بعدي يا علي بك يهتدي المهتدون) (البحار 2:23).
فهل الهادي لزمان دون زمان وعصر دون عصر؟ وعن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تبارك: (( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد )) فقال (عليه السلام): (رسول الله المنذر, وعلي الهادي, والله ما ذهبت منّا وما زالت فينا إلى الساعة) (نفس المصدر) .
مما يدلّ على أن هذه الآية مستمرة إلى قيام الساعة ففي كل عصر هاد من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ومنهم الإمام المهدي (عليه السلام) حتى عصرنا هذا وما بعده, إذ لا يخلو زمان عن إمام هاد.
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قلت له (( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد )) فقال (عليه السلام): (رسول الله المنذر وعلي (عليه السلام) الهادي, يا أبا محمّد فهل منا هاد اليوم ؟) قلت : بلى جعلت فداك, ما زال فيكم هاد من بعد هاد حتى رفعت إليك, فقال : (رحمك الله يا أبا محمّد, ولو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية مات الكتاب، ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى).
وعن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عزّ وجل: (( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد )) فقال : إمام هاد لكل قوم في زمانهم .
وعن الصادق (عليه السلام) في حديث طويل: (... ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها, ولولا ذلك لم يعبد الله) قال سليمان (راوي الحديث) فقلت للصادق (عليه السلام) فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال (عليه السلام): (كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب). (نفس المصدر السابق).
ثانياً: قوله تعالى: (( ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون )). وإيصال القول أي تبليغهم بآيات الله وأحكامه وهذه لا يقوم بها إلاّ الإمام, وفي زماننا هو الإمام المهدي (عليه السلام) فلابد من وجوده, ليتم مصداق هذه الآية .
فعن الصادق (عليه السلام) في قوله: (( ولقد وصلنا لهم القول )) قال : (إمام بعد إمام).
ثالثاً: قوله تعالى : (( إني جاعل في الأرض خليفة )). فهل هذه الآية لزمان دون زمان أم هي متصلة إلى أن تقوم الساعة, فمن هو خليفة الله في الأرض في زماننا هذا ؟ لابد أن يكون ذلك الخليفة هو الإمام، والإمام اليوم هو الإمام المهدي (عليه السلام) فهو حيٌ بمقتضى هذه الآية.
رابعاً: قوله تعالى: (( يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولوكره الكافرون )) (الصف:8). فإتمام النور بالتبليغ إلى الله تعالى، فهل هذا لزمان دون زمان . فمن هو الذي يتم نور الله في هذا الزمان ؟ إنه الإمام المهدي (عليه السلام) الذي يعيش في زماننا هذا.
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : (لا تخلو الأرض منذ كانت من حجة عالم يحيي فيها ما يميتون من الحق ثم تلا هذه الآية : (( يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ))(البحار: 37:23).
خامساً: قوله تعالى: (( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها... )) .
فنقول: هل أن ليلة القدر كانت في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أم حتى من بعده؟ فإذا كانت ليلة القدر مستمرة وتنزل الملائكة والروح فيها في كل عام, فعلى من تنزل في زماننا هذا ؟ لابد من نزولها على خليفة رسول الله وهو الإمام المعصوم الذي هو إمامنا المهدي (عليه السلام).
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : (كان علي (عليه السلام) كثيراً ما يقول : اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقرأ ((إنا أنزلناه)) بتخشع وبكاء فيقولان : ما أشد رقتك لهذه السورة . فيقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما رأت عيني ووعى قلبي ولما يرى قلب هذا من بعدي . فيقولان : وما الذي رأيت وما الذي يرى ؟ قال : فيكتب لها في التراب (( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر )) قال : ثم يقول : هل بقي شيء بعد قوله ((كل أمر)) ؟ فيقولان : لا, فيقول : هل تعلمان مَن المنزل عليه بذلك ؟ فيقولان : أنت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) . فيقول : نعم، فيقول : هل تكون ليلة القدر من بعدي ؟ فيقولان : نعم . فيقول : فهل ينزل ذلك الأمر فيها ؟ فيقولان : نعم . فيقول : فإلى من ؟ فيقولان : لا ندري . فيأخذ برأسي ويقول : إن لم تدريا فادريا, هو هذا من بعدي ...) (الكافي 249:1 ح 5، وتفسير كنز الدقائق 365:14).
مما يدل على أن ليلة القدر مستمرة ونزول الروح في هذه الليلة من كل عام على الإمام المعصوم وهو الإمام المهدي(عليه السلام)، فالإمام (عليه السلام) حي بمقتضى هذه الآية .
سادساً: قوله تعالى : (( ينزل الملائكة والروح من أمره على من يشاء من عباده ... )) (النحل:2).
عن الباقر (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية، فقال : (جبرئيل الذي ينزل على الأنبياء, والروح يكون معهم ومع الأوصياء لا يفارقهم ويسددهم من عند الله) (بصائر الدرجات : 483 ح 1، وتفسير كنز الدقائق 178:7).
فعلى من تتنزل الروح من عباد الله, أليس هو الإمام المعصوم والذي هو الإمام المهدي (عليه السلام) في زماننا هذا, فهو حي بدليل هذه الآية .
سابعاً: قوله تعالى : (( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنّا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمراً من عندنا إنا كنّا مرسلين )) (الدخان:3-5)). والليلة هذه هي ليلة القدر, ويأتي نفس ما ذكرناه في ليلة القدر, فبمقتضى هذه الآية فإن الإمام المهدي (عليه السلام) حي. هذا ما أمكننا ذكره من آيات تثبت حياة الإمام المهدي (عليه السلام)
عربي باي