سلسلة : و أشرقت الارض بنور ربها
البحث : ملخص الدليل القرآني - هيمنة القرآن
تحقيق : صفاء البدري
الاية :{ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ
الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ } [ المائدة / 48 ]
معنى الهيمنة هو الحفظ و المراقبة ، و مهيمناً عليه تعني مراقباً و حافظاً له ، القرآن الكريم لما كان خاتماً للخطاب الإلهي ، و بعد حفظ الله عز و جل له من التحريف و لما جاء فيه من تصحيح القصص و الروايات في الكتب السماوية السابقة له ، فجاء داعماً للكتب السابقة و مؤيداً لها ، و مصححاً لها ، و ايضاً لما جاء به من خاتمة الشرائع ، كان لا بد ان يكون له الهيمنة على تلك الكتب و أن يكون هو المتصدر على دراساتنا في معرفة المشروع الإلهي الذي يتبنى فكرة المصلح المجدد ، و الثورة الإلهية العادلة في آخر الزمان .
كيف تصدى القرآن الكريم الى الهيمنة على الكتب السماوية ؟!
اخبر القرآن الكريم في عدة مواضع ان الكتب الأخرى قد اصابها التحريف و وقع اتباعها في شبهات و قد اوضح ايضاً مواضع كثيرة من التحريف ، مما ادى الى بطلان اتّباع الكتب السماوية من دون الرجوع الى تصحيح هذا التحريف ، و قد سبق ان بيّنا ان هذه الكتب تبقى محافظة على قيمتها في بحثنا لما تبقى من كلام الله عز و جل فيها على الرغم من التحريف ، و لكن اتباع تلك الكتب بصورة عامة و الاعتماد عليها في صياغة العقيدة بصورة بحتة باطل لا محال .
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُون الاية ٧٩ | البقرة
و بين القرآن الكريم المسائل الاساسية الكبيرة التي خالف فيها الكتابيون الصواب و صحح اعتقاداتهم في النص القرآني ، و افضل مثال على ذلك هو قضية صلب نبي الله عيسى عليه السلام ، و رفعه الى السماء ، فبيّن لهم انه لم يصلب و لم يقتل ، و انّما رفع الى السماء و لم يمت و له رجعة اخرى ، و هذا ايضاً من التأسيس الدقيق للفكرة و المشروع الإلهي في وراثة الارض في آخر الزمان ، و هنا نضع ايدينا على جواهر رائعة في البحث ، و هي النصوص القرآنية التي اسست هذه العقيدة و تبنّت هذا المشروع .
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا النساء | ١٥٧
بالاضافة الى ذلك فد قام القرآن الكريم بنسخ احكام الكتب السماوية الاخرى ،
بمعنى اخر انتهاء صلاحية العمل بتلك التشريعات التي نزلت على اتباع الكتب السماوية السابقة ، و هذا مظهر اخر من مظاهر هيمنة القرآن الكريم على تلك الكتب ، فتبديل الاحكام ، يجعل اتّباع القران الكريم هو المصدر الوحيد للعبادة و بالنتيجة بطلان العمل بالتشريعات السابقة .