.

.
الأحد، 13 نوفمبر 2016

قيام الامام الحسين ( عليه السلام ) بالثورة دون غيره من الائمة الاطهار

الاختلاف بين الأئمة (عليهم السلام) في الأدوار التي قاموا به يتضح من خلال النقاط الآتية:
1- إن اختلاف الظروف المحيطة بالإمام تجعل هناك تغايراً في العمل بين إمام وأخر.
2- إن الدور الذي قام به الإمام الحسين (عليه السلام) هو كشف حقيقة الخلافة الأموية، وإنها غير شرعية، وإنها لا تمثل الدين الإسلامي الصحيح، وهذا الأمر تحقق بثورة الحسين (عليه السلام) فلا يحتاج بعدها إلى نفس هذا العمل لأن الأمر بات واضحاً.
3- إن القيام بالثورة يحتاج إلى إعداد نفسي وتعبئة للجماهير لفهم الظالم من المظلوم،ولو لم يحصل هذا الإعداد لاختلاط الأمر ولم يعرف الظالم من المظلوم، بل يصبح قتال بين فئتين ولعله يقال عنهما مؤمنتين فيلتبس الحق بالباطل، وهذا الإعداد حصل من خلال الإمام الحسن (عليه السلام) حيث صالح معاوية واشترط عليه شروط منها رجوع الخلافة إليه وإلى الحسين (عليهما السلام).
4- إن الثورات التي تلاحقت بعد ثورة الحسين (عليه السلام) من قبل العلويين وغيرهم ما هي الا نتاج لثورة الحسين (عليه السلام) ولا يشترط في الثورات أن يقوم بها الإمام بنفسه بل في غيره الكفاية.
5- إن الأئمة (عليهم السلام) كان لديهم علم بامتداد دولة بني أمية ودولة بني العباس فالقيام بالثورة لأجل الانتصار العسكري غير موجود في حسابات الأئمة (عليهم السلام).
6- إن هناك أولويات لدى كل إمام فالأهم لابد من تقديمه على المهم وليست الثورات هي الأهم لدى جميع الأئمة.

عِللُ ثورةِ الامام الحسين (ع)

أحاطت بالإمام الحسين (عليه السلام) عدة من المسؤوليات الدينية والواجبات الاجتماعية وغيرها, فحفزته إلى الثورة ودفعته إلى التضحية والفداء وهذه بعضها :
1- المسؤولية الدينية : لقد كان الواجب الديني يحتم عليه القيام بوجه الحكم الاموي الذي استحل حرمات الله, ونكث عهوده وخالف سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
2- المسؤولية الاجتماعية : وكان الإمام (عليه السلام) بحكم مركزه الاجتماعي مسؤولا أمام الأمة عما منيت به من الظلم والاضطهاد من قبل الامويين, ومن هو أولى بحمايتها ورد الاعتداء عنها من غيره .
فنهض (عليه السلام) بأعباء هذه المسؤولية الكبرى, وأدى رسالته بأمانة واخلاص, وضحى بنفسه وأهل بيته وأصحابه ليعيد عدالة الاسلام وحكم القران .
3- إقامة الحجة عليه : وقامت الحجة على الإمام لإعلان الجهاد, ومحاربة قوى البغي والإلحاد, فقد تواترت عليه الرسائل والوفود من أهل الكوفة, وكانت تحمله المسؤولية أمام الله إن لم يستجب لدعواتهم الملحة لإنقاذهم من ظلم الامويين وبغيهم .
4- حماية الاسلام : من الاسباب التي ثار من أجلها (عليه السلام) هي حماية الاسلام من خطر الحكم الاموي الذي جهد على محوه, وقلع جذوره, فقد أعلن يزيد وهو على كرسي الخلافة الاسلامية الكفر والالحاد بقوله :
لعبت هاشم بالملك فلا خبر ***** جاء ولا وحي نزل 
وكشف هذا الشعر عن العقيدة الجاهلية التي كان يدين بها يزيد فهو لم يؤمن بوحي ولا كتاب, ولا جنة ولا نار, وبلغ به الاستهتار إلى الاعلان عن كفرياته واستهزائه بالاسلام .
5- صيانة الخلافة : من المع الأسباب التي ثار من أجلها (عليه السلام) تطهير الخلافة الاسلامية ـ التي هي لأهل البيت (عليهم السلام) من قبل الله ـ من أرجاس الامويين الذين نزوا عليها بغير حق .
وقد رأى الإمام (عليه السلام) أن مركز جده قد صار الى سكير مستهتر لا يعي إلا شهواته ورغباته, فثار ليعيد للخلافة الاسلامية كيانها المشرق وماضيها الزاهر .
6- تحرير إرادة الامة : ولم تملك الامة في عهد يزيد إرادتها واختيارها, فقد كبلت بقيود ثقيلة سدت في وجهها منافذ النور والوعي, وحيل بينها وبين ارادتها .
لقد هب الإمام (عليه السلام) إلى ساحات الجهاد والفداء, ليطعم المسلمين بروح العزة والكرامة, فكان مقتله (عليه السلام) نقطة تحول في تاريخ المسلمين وحياتهم .
7- تحرير اقتصاد الامة : انهار اقتصاد الامة الذي هو شرايين حياتها الاجتماعية والفردية, فقد عمد الأمويون بشكل سافر الى نهب الخزينة المركزية, وقد أعلن معاوية أمام المسلمين أن المال مال الله, وليس مال المسلمين فهو أحق به .
فقد ثار (عليه السلام) ليحمي اقتصاد الامة, ويعيد توازن حياتها المعاشية .
8- المظالم الاجتماعية : انتشرت المظالم الاجتماعية في أنحاء البلاد الاسلامية, فلم يعد قطر من الاقطار إلا وهو يعج بالظلم والاضطهاد من جورهم .
فهب الإمام (عليه السلام) في ميادين الجهاد ليفتح للمسلمين أبواب العزة والكرامة, ويحطم عنهم ذلك الكابوس المظلم .
9- المظالم الهائلة على الشيعة : لقد كانت الاجراءات القاسية التي اتخذها الحكم الاموي ضد الشيعة من أسباب ثورته (عليه السلام), فهب لانقاذهم من واقعهم المرير, وحمايتهم من الجور والظلم .
10- محو ذكر أهل البيت عليهم السلام : ومن ألمع الاسباب التي ثار من أجلها (عليه السلام) هو أن الحكم الاموي قد جهد على محو ذكر أهل البيت (عليه السلام), واستئصال مآثرهم ومناقبهم, وقد استخذم معاوية في هذا السبيل أخبث الوسائل .
وكان (عليه السلام) يود أن الموت قد وافاه, ولا يسمع سب أبيه على المنابر والمآذن .

11- تدمير القيم الاسلامية : وعمد الامويون إلى تدمير القيم الاسلامية, فلم يعد لها أي ظل على واقع الحياة الاسلامية .
12- انهيار المجتمع : انهار المجتمع في عصر الامويين, وتحلل من جميع القيم الاسلامية .
وثار (عليه السلام) ليقضي على التذبذب والانحراف الذي منيت به الامة .
13- الدفاع عن حقوقه : وانبرى الإمام (عليه السلام) للجهاد دفاعا عن حقوقه التي نهبها الامويون واغتصبوها, وأهمها : الخلافة, وهو الخليفة الشرعي بمقتضى معاهدة الصلح التي تم الاتفاق عليها ـ فضلاً عن كونه الخليفة الحقيقي من قبل الله -, وعلى هذا فلم تكن بيعة يزيد شرعية, فلم يخرج الإمام (عليه السلام) على إمام من أئمة المسلمين, كما يذهب لذلك بعض ذوي النزعات الاموية, وإنما خرج على ظالم مغتصب لحقه .
14- الامر بالمعروف : ومن أوكد الاسباب التي ثار من أجلها (عليه السلام) إقامة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فانهما من مقومات هذا الدين, والإمام بالدرجة الاولى مسؤول عنهما .
وقد أدلى (عليه السلام) بذلك في وصيته لاخيه ابن الحنفية, التي أعلن فيها عن اسباب خروجه على يزيد, فقال : (( إني لم اخرج أشرا, ولا بطرا, ولا ظالما, ولا مفسدا, وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي, أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر )).
15- إماتة البدع : وعمد الحكم الاموي إلى نشر البدع بين المسلمين, التي لم يقصد منها إلا محق الاسلام, والحاق الهزيمة به, وقد أشار (عليه السلام) إلى ذلك في رسالته التي بعثها لأهل البصرة : فان السنة قد اميتت والبدعة قد احييت .
لقد ثار (عليه السلام) ليقضي على البدع الجاهلية التي تبناها الامويون, ويحيي سنة جده التي اماتوها, ونشر راية الاسلام .
16- العهد النبوي : واستشف النبي (صلى الله عليه وآله) من وراء الغيب ما يمنى به الاسلام من الاخطار الهائلة على أيدي الامويين, وانه لا يمكن بأي حال تجديد رسالته وتخليد مبادئه إلا بتضحية ولده الحسين (عليه السلام), فعهد إليه بالتضحية والفداء, وقد أدلى الحسين بذلك حينما عدله المشفقون عليه من الخروج الى العراق فقال (عليه السلام) لهم : أمرني رسول الله بأمر وأنا ماض إليه .
17- العزة والكرامة : ومن أوثق الاسباب التي ثار من أجلها (عليه السلام) هي العزة والكرامة, فقد أراد الامويون إرغامه على الذل والخنوع, فأبى إلا أن يعيش عزيزا, وقد أعلن ذلك يوم الطف بقوله : (( ألا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة, وهيهات منا الذلٌة, يأبى الله لنا ذلك ورسوله, ونفوس أبية, وانوف حمية, من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام ... )) .
18- غدر الامويين وفتكهم : وأيقن (عليه السلام) أن الامويين لا يتركونه, ولا تكف أيديهم عن الغدر والفتك به حتى لو سالمهم وبايعهم, وقد أعلن ذلك لأخيه محمد بن الحنفية : (( لو دخلت في حجر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقتلوني )) .
فاختار (عليه السلام) أن يعلن الحرب ويموت ميتة كريمة تهز عروشهم وتقضي على جبروتهم وطغيانهم .
هذه بعض الأسباب التي حفٌزت الإمام الحسين (عليه السلام) إلى الثورة على حكم يزيد .

عربي باي