.

.
الجمعة، 12 فبراير 2016

ملخصات عقائدية - العصمة

تقسم مراتب العصمة إلى ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: المصونية من الذنب ومخالفة الأوامر المولوية.
المرتبة الثانية: المصونية في تلقي الوحي ووعيه وابلاغه إلى الناس .
المرتبة الثالثة: المصونية من الخطأ والاشتباه في تطبيق الشريعة والامور الفردية والاجتماعية.
وانت قسمت العصمة إلى قسمين بدمج الأولى والثالثة ولا مشكله في ذلك ولكن وضحنا ذلك لكي يتضح دليلنا على كل قسم.
المرتبة الأولى:
فأنت قلت أنهم معصومون من الكبائر دون الصغائر ونحن نقول أنهم معصومون من الصغائر والكبائر قبل البعثة وبعدها وهناك من يجوز ارتكاب الكبائر على الأنبياء كالحشوية بل ان بعضهم يجوز الكفر عليهم كالازارقة من الخوارج ومنهم من يجوز الكبيرة قبل البعثة ولا يجوزها بعدها كبعض المعتزلة ومنهم من لم يجوز الصغائر إذا كانت منفرّة عند بعض المعتزلة.
ونحن نورد والدليل على قولنا وهو:
الدليل الأول: ان ثقه الناس بالانبياء وبالتالي حصول الغرض من بعثتهم إنما هو رهن الاعتقاد لصحة مقالهم وسلامة افعالهم وهذا بدوره فرع كونهم معصومين عن الخلاف والعصيان في السر والعلن من غير فرق بين معصية وأخرى ولا بين فترة من فترات حياتهم واخرى. وذلك لأن المبعوث إليه إذا جوز الكذب على النبي أو جوز المعصية على وجه الاطلاق جوز ذلك أيضاً في امره ونهيه وافعاله التي أمره باتباعه فيها ومع هذا الاحتمال لا ينقاد إلى امتثال اوامره فلا يحصل الغرض من البعثة لانه ـ بحكم عدم عصمته ـ يحتمل ان يكون كاذباً في اوامره ونواهيه وان يتقول على الله ما لم يأمر به. ومع هذا الاحتمال لا يجد المبعوث إليه في قرارة نفسه حافزاً إلى الامتثال.
الدليل الثاني: ان الهدف العام الذي بعث لأجله الأنبياء هو تزكيه الناس وتربيتهم وان التربية عن طريق الوعظ والإرشاد وان كانت مؤثرة إلا أن تأثير التربية بالعمل اشد واعمق وآكد وذلك أن التطابق بين مرحلتي القول والفعل هو العامل الرئيس في إذعان الآخرين بأحقية تعاليم المصلح والمربي ولو كان هناك انفكاك بينهما لانفض الناس من حوله وفقدت دعوته إي اثر في القلوب.
هذان دليلان عقليان أوردناهما لاثبات عصمة الانبياء وما ذكرته انت من قول ابن تيميه لا يعد دليلاً على العصمة لأن العقائد لا تأخذ عندنا من التقليد .
وانما لم نرد دليلاً نقلياً من القرآن والسنة على العصمة من الكذب (وهو احد الذنوب) حذراً من الوقوع في الدور المحال,ذلك ان إثبات العصمة من الكذب يتوقف على صدقهم وصدقهم يتوقف على العصمة واما عدم عصمتهم من الصغائر فغير صحيح وان قول اكثر اهل العلم لا يصحح ذلك لعدم جواز التقليد في العقائد وان الاجماع غير تام مع مخالفة الشيعة في ذلك.
وأما الآيات القرآنية التي ذكرتها فقد اجبنا عليها فارجع إلى الموقع الاسئلة العقائدية: العصمة: 1ـ التوفيق بين ترك الأولى لآدم وتوبته 2ـ الادلة على عصمة الانبياء عليهم السلام.
وارجع كذلك إلى النبي محمد صلى الله عليه وآله : 1ـ معنى قوله تعالى: (( لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ )) (التحريم:1) 2ـ موقفه من أسرى بدر.
وأما ما توصلت إليه من صدور ذنب من نبي الله داود عليه السلام من خلال استغفاره فإنه غير صحيح, وذلك :
1- ان قضاءه لم يكن قضاء باتاً خاتماً للشكوى بل كان قضاءاً على فرض السؤال وان كان الاولى هو انه إذا سمع الدعوى من احد الخصمين ان يسأل الآخر فاستغفاره كان تداركاً لما صدر منه مما كان الاولى تركه وشكراً وتعظيماً لنعمة التنبه.
2- ان من الممكن ان يكون قضاؤه قبل سماع كلام المدعي عليه لاجل انكشاف الواقع له بطريق من الطرق وان الحق مع المدعي فقضى بلا استماع لكلام المدعي عليه وان استغفاره كان لترك الاولى هو عدم التسرع في اصدار الحكم وترك الاولى لا يعد ذنباً قادحاً بالعصمة.
المرتبة الثانية:
وهي العصمة في التبليغ فانك وافقتنا في ذلك فلا داعي لإطالة الكلام فيها.
المرتبة الثالثة:وهي العصمة من الخطأ والاشتباه فانت وافقتنا ايضاً في عدم الخطأ ولا النسيان في التبليغ واجزت غير ذلك ولكنا نقول بعصمة الأنبياء من الخطأ والسهو في تطبيق الشريعة في الامور الفردية والاجتماعية فهو لا يسهو في صلاته ولا يخطأ في إجراء الحدود ولا يخطأ في مقدار دينه وغير ذلك .
وقد دلت على ذلك مجموعة من الآيات منها: (( إِنَّا أَنزَلنَا إِلَيكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحكُمَ بَينَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُن لِلخَائِنِينَ خَصِيماً )) (النساء:105) ومنها: (( وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ وَرَحمَتُهُ لَهَمَّت طَائِفَةٌ مِنهُم أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُم وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيكَ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَم تَكُن تَعلَمُ وَكَانَ فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ عَظِيماً )) (النساء:113). 
وهذه الآية القرآنية نزلت في شكوى رفعت إلى النبي صلى الله عليه وآله وكان كل من المتخاصمين يسعى ليبرء نفسه ويلقي التهمة على الآخر فجاءت الآية لتصونه من الضلال وانه لا يصدر في حال قضائه الا عن التعليم الإلهي ولا يتم القضاء بالحق إلا بتميز الصغريات فجاء قوله: (( وَعَلَّمَكَ مَا لَم تَكُن تَعلَمُ )) (النساء:113),فيكون المراد ان النبي صلى الله عليه وآله لأجل عميم فضله سبحانه مصون في مقام القضاء من الخطأ والسهو ولما كان هنا موضع توهم وهو ان رعاية الله لنبيه تختص بمورد دون مورد دفع ذلك التوهم بالفقرة الرابعة وقال: (( وَكَانَ فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ عَظِيماً ))(النساء:113) حتى لا يتوهم اختصاص فضله عليه بواقعه دون اخرى بل مقتضى عظمة الفضل سعة شموله لكل الوقائع والحوادث سواء أكانت من باب المرافعات ام من الامور العادية الشخصية.
ومن الآيات التي دلت على عصمته من الخطأ والاشتباه قوله تعالى: (( وَكَذَلِكَ جَعَلنَاكُم أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُم شَهِيداً )) (البقرة:143), فالرسول صلى الله عليه وآله شاهد على العباد وكذلك الانبياء وان الشهادة هنا ليست على صور الاعمال والافعال فانها غير كافيه في القضاء الاخروي بل المشهور عليه هو حقائق اعمال الامة: الإيمان والكفر والنفاق والرياء والاخلاص ومن المعلوم ان هذه المشهودات لا يمكن تشخيصها والشهادة عليها عن طريق الحواس الخمس لأنها لا يمكنها ان تستكشف حقائق الأعمال وما يستبطنه الإنسان فيجب أن يكون الأنبياء مجهزين بحس خاص يقدرون معه على الشهادة على ما لا يدرك بالبصر ولا بسائر الحواس وهذا هو الذي نسميه بحبل العصمة وكل ذلك بأمر من الله سبحانه وإذنه والمجهز بهذا الحس لا يخطئ ولا يسهو.
وان شئت قلت: ان الشهادة هنا لو كانت خاطئة للزم عقاب المطيع أو إثابة المجرم وهو قبيح لا سيما الاول فيجب ان تكون شهادة الشاهد مصونة عن الخطأ والاشتباه حتى تكون منزهة عما يترتب عليها من القبيح,وللمزيد راجع الإلهيات ج3 ص155 ـ 211
وكذلك اعتراف إبليس بأنّه لا يمكنه أن يغوي العباد المخلَصين: (( قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين )) (الحجر:39-40).
والمخلـَصين هم من اختارهم الله من الانبياء والأوصياء, قال تعالى: (( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون )) (القصص:68).

من الادلة على عصمتهم ( عليهم السلام ) من القرآن الكريم كثيرة نذكر أهمها :(1) قوله تعالى : (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )) (الاحزاب:33). هذه الآية نزلت في أصحاب الكساء وهم : رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ وعلى هذا تواترت روايات كثيرة من السنة والشيعة، واذا أردت الوقوف على ما ندّعيه فعليك بمراجعة كتاب (البرهان في تفسير القرآن 3 / 209). وممن ذكر نزول هذه الآية المباركة في أهل البيت (عليهم السلام) من أهل السنة :
1 ـ الطبري / جامع البيان 22 / 6 .
2 ـ الحاكم الحسكاني / شواهد التنزيل 2 / 36 .
3 ـ ابن كثير / تفسير القرآن العظيم 3 / 458 .
4 ـ الحمويني / فرائد السمطين 1 / 376 .
5 ـ ابن حجر / الصواعق المحرقة ص80 .
6 ـ البلاذري / انساب الاشراف 2 / 104 .
7 ـ السيوطي / الدر المنثور 5 / 198 .
8 ـ الحاكم النيسابوري / المستدرك على الصحيحين 2 / 416 .
9 ـ ابن عساكر / تاريخ مدينة دمشق 1 / 250 .
وغيرهم من علماء السنة .
وهذه الآية صريحة في عصمة أصحاب الكساء، بدليل إذهاب الرجس عنهم والتطهير لهم على الاطلاق.(2) قوله تعالى : (( فمن حاجك فيه من بعد ماجاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين )) (آل عمران:61). وهذه الآية الشريفة نزلت في حق النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ بإجماع علماء الفريقين ، لاحظ :
1 ـ البرهان في تفسير القرآن 1 / 286 .
2 ـ النيسابوري في صحيحه 7 / 120 .
3 ـ الطبري / جامع البيان 3 / 192 .
4 ـ مسند أحمد 1 / 185 .
5 ـ الجصّاص / أحكام القرآن 2 / 16 .
6 ـ الاصبهاني / دلائل النبوة ص297 .
7 ـ الواحدي النيسابوري / اسباب النزول ص74 .
8 ـ الزمخشري / الكشّاف 1 / 193 .
9 ـ الرازي / التفسير الكبير 8 / 85 .
10 ـ ابن أثير / افسد الغابة 4 / 25 .
وآخرون من العلماء .
حيت جعلت علياً (عليه السلام) نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والرسول معصوم بالاتفاق، اذن علي كذلك.(3) قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم… )) (النساء:59). والمرا د من أولي الامر في الآية الشريفة هم الائمة الإثنا عشر من آل محمد ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ للروايات الكثيرة المروية عن ائمة أهل البيت (عليهم السلام) والمذكورة في عدة كتب منها كتاب : ( البرهان في تفسير القرآن 1 / 381). وهذه الاية دلت على عصمة اولي الامر ، بدليل ان طاعتهم مقرونة بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله (ص) والطاعة لا تكون إلا لذوي العصمة والطهارة . وقد ذكر جمهرة من علماء أهل السنة نزول هذه الآية المباركة في شأن الامام علي (ع) وان المقصود من أولي الامر هو علي بن أبي طالب (ع) ، منهم :
1 ـ الحسكاني / شواهد التنزيل 1 / 149 .
2 ـ أبي حيّان الاندلسي / تفسير البحر المحيط 3 / 278 .
3 ـ الكشفي الترمذي / مناقب المرتضوية / 56 .
4 ـ القندوزي / ينابيع المودة : 116 . وأما الآيات الاخرى الدالة على عصمتهم فنذكر لك أرقامها، وللوقوف على الحقيقة والواقع راجع كتاب (عمدة النظر) للسيد هاشم البحراني وكتب التفاسير الشيعيّة :
4 ـ التوبة 119 .
5 ـ المائدة 55 .
6 ـ الرعد 43 .
7 ـ النساء 41 .
8 ـ الحج 77 ـ 78 .
9 ـ النحل 43 .
10 ـ الانبياء 73 .
11 ـ السجدة 24 .
12 ـ النور 55 . وأما الادلة الدالة على عصمتهم (عليهم السلام) من السنة الشريفة، فكثيرة جداً نذكر بعضها:
(1) قال عبد الله بن عباس : سمعت رسول الله (ص) يقول : ( أهل بيتي أمان لاهل الارض ، كما ان النجوم أمان لاهل السماء ، قيل : يا رسول الله الائمة بعدك من أهل بيتك ؟ قال : نعم الائمة بعدي اثنا عشر ، تسعة من صلب الحسين ، امناء معصومون ، ومنّا مهدي هذه الامة ، ألا إنهم أهل بيتي وعترتي من لحمي ودمي ، ما بال اقوام يؤذونني فيهم لا أنالهم الله شفاعتي ) . (الحمويني/ فرائد السمطين 2 / 133 الرقم 430) .(2) قال جابر بن عبد الله الانصاري : كان رسول الله (ص) في الشكاة التي قبض فيها ، فإذا فاطمة (عليها السلام) عند رأسه ، فبكت حتى ارتفع صوتها ، فرفع رسول الله طرفه اليها فقال : حبيبتي فاطمة ، ما الذي يبكيك ؟ قالت : أخشى الضيعة من بعدك ، قال : يا حبيبتي لا تبكين ، فنحن أهل بيت اعطانا الله سبع خصال لم يعطها أحداً قبلنا ولا يعطيها أحداً بعدنا : أنا خاتم النبيين ، …… ، ومنّا سبطا هذه الامة ، وهما ابناك الحسن والحسين ، وسوف يخرج الله من صلب الحسين تسعة من الائمة أمناء معصومون ، ومنّا مهدي هذه الامة ..
روى هذا الحديث من علماء السنة :
1 ـ ابن عساكر / تاريخ دمشق 1 / 239 ح303 .
2 ـ الحمويني / فرائد السمطين 2 / 84 .
3 ـ الطبراني / المعجم الكبير ص135 .
4 ـ الطبري / ذخائر العقبى ص135 .
5 ـ البدخشي / مفتاح النجا ص263 .(3) حديث الثقلين ، فقد ورد عن رسول الله (ص) متواتراً قوله : ( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما ان تمسكتم بهما وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ). رواه وأخرجه أكثر من ( 180 ) عالم سني منهم :
1 ـ صحيح مسلم 2 / 238 .
2 ـ مسند أحمد 5 / 181 ، 3 / 26 .
3 ـ صحيح الترمذي 2 / 220 .
4 ـ الطبقات الكبرى 1 / 194 .
5 ـ المعجم الصغير 1 / 131 .
6 ـ سنن الدارمي 2 / 431 .
7 ـ كنز العمال 15 / 122 .
8 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 109 .
دلّ هذا الحديث على عصمة أهل البيت (ع) لانهم عدل القران ، وبما أن القران محفوظ من الزلل ومعصوم من الخطأ لانه من عند الله تعالى فكذلك ما قرن به وهم عترة محمّد (ص) وإلاّ لما صحت المقارنة .
نكتفي بهذا المقدار من الاحاديث للاختصار ، وعليكم بمراجعة كتاب ( عمدة النظر ) للبحراني حيث ذكر (45) حديثا على عصمتهم (عليهم السلام) كما ذكر اثنا عشر دليلا عقليا على عصمتهم (عليهم السلام) .

مسألة العصمة واشتراطها في الأئمة (ع) قد أوضحتها بإسهاب كتب الكلام والعقائد, فأوجبتها الشيعة الإمامية مستندين إلى أدلة عقلية ونقلية نكتفي بذكر دليل عقلي وآخر نقلي رعاية للمقام:
الدليل العقلي: إن الإمامة إنما وجبت للقيام بشطر من وظائف النبوة فهي امتداد لمقامها واستمرارية لحكومتها, فإذا كان الإمام هو القائم بحفظ الشريعة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو المسؤول عن إقامة السنّة فحاله كحال النبيّ في اشتراط العصمة, وإلاّ فيكف يؤتمن مَن كان فاقداً لها على إقامة الشرائع وحفظ السنن وهو غير مأمون من ارتكاب الخطأ والزيغ عن الطريق, ومتى كان كذلك كان محتاجاً في نفسه إلى إمام آخر يسدّده ويهديه، والثاني كذلك إذا لم يكن معصوماً احتاج إلى من يقومّه ويعلّمه وهكذا حتى ينتهي الأمر إلى إمام معصوم - فذلك هو الإمام الذي تجب طاعته - وإلاّ بقي التسلسل بحاله وهو باطلٌ, لذلك اشترط في الإمام - العصمة - في نفسه حتى لا يرتكب القبيح ولا يخالف الشريعة في حفظه لها علماً وعملاً.
الدليل النقلي: قوله تعالى: ((إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين))[البقرة:124] فهذه الآية دلت بوضوح أن الإمامة عهدٌ من الله وبجعل منه, وانها لا ينالها من كان ظالماً, ومعلوم أن غير المعصوم من ارتكاب الخطأ والزلل هو ظالم إما لنفسه أو لغيره, وهو عاص بادعائه ما ليس له لأن كل عاص ظالم لقوله تعالى: ((ومن يتعدّ حدود الله فاولئك هم الظالمون))[لبقرة:229].
وقد روى السيوطي في تفسير الآية المذكورة نقلاً عن ابن اسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ((معناها انه كائن لا ينال عهده مَن هو في رتبة ظالم ولا ينبغي أن يولّيه شيئاً من أمره)) ، كما روى عن وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد - وهؤلاء من أعاظم المحدّثين والحفّاظ وهم من غير الشيعة - قال: ((المعنى لا أجعل إماماً ظالماً يقتدى به)).
إذن فمن لم يكن معصوماً فلا تجوز إمامته لأنه إما ظالم لنفسه أو ظالم لغيره لجواز ارتكابه الصغائر أو الكبائر, أما المعصوم فلا يرتكب شيئاً من ذلك.
ولما كانت العصمة من الامور الخفية, لأنها ملكة تقضي عدم مخالفة التكاليف اللزومية عمداً أو خطأً مع القدرة على الخلاف, لذلك كان تعيين الإمام بجعل من الله تعالى لأن الإمامة عهده كما في الآية السابقة, فليس للناس أن يختاروا من شاؤا ((وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة))[القصص:68]

قمنا بتلخيص هذا المقال بالاعتماد على الاسئلة و اجوبتها في مركز الابحاث العقائدية

الشيعة و اتهامهم بتحريف القرآن

المصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج4 ، ص 449 ـ 452

(449)
مباحث الخاتمة
(3)


الشيعة واتّهامهم بتحريف القرآن

إنّ القرآن الكريم أحد الثقلين اللّذين تركهما النبي الأكرم ـ صلى الله عليه وآله 
وسلم ـ بين الأُمة الإسلامية ، وحث على التمسك بهما ، وأنّهما لا يفترقان حتى يردا 
عليه الحوض ، وقد كتب سبحانه على نفسه حفظه وصيانته وقال  : { إِنَّا نَحْنُ 
نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (1).
وقال ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : « إذا التبست عليكم الفتن كقطع 
الليل المظلم ، فعليكم بالقرآن ، فإنّه شافع مشفع ، وماحل مصدّق ، مَنْ جَعَلَهُ 
أمامه قاده إلى الجنة ، ومَن جعله خلفه ساقه إلى النار » (2).
وقال أمير المؤمنين علي ـ عليه السَّلام ـ : « إنّ هذا القرآن هو الناصح الّذي لا 
يغش ، والهادي الّذي لا يضلّ » (3).
وقال ـ عليه السَّلام ـ : « ثمّ أنْزَلَ عليه الكتاب نوراً لا تُطفأ مصابيحه ، 
وسراجاً لا يخبو توقده ، ومنهاجاً لا يضل نهجه... وفرقاناً لا يخمد برهانه » (4).
بل إنّ أئمة الشيعة جعلوا موافقة القرآن ومخالفته ميزاناً لتمييز الحديث
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سورة الحجر : الآية 9.
(2) ـ الكافي : ج 2 ص 238.
(3) - نهج البلاغة : الخطبة 176.
(4) - نهج البلاغة : الخطبة 198. 
________________________________________

(450)
الصحيح من الباطل ، قال الصادق ـ عليه السَّلام ـ : « ما لم يوافق من الحديث 
القرآن ، فهو زخرف » (1). 
ومع ذلك كله اتّهمَتِ الشيعة ـ اغتراراً ببعض الروايات الواردة في جوامعهم 
الحديثة ـ بالقول بتحريف القرآن ونقصانه ، غير أنّ أقطاب الشيعة وأكابرهم 
رفضوا تلك الأحاديث ، كما رفضوا الأحاديث الّتي رواها أهل السنة في مجال تحريف 
القرآن ، وصرّحوا بصيانة القرآن عن كل نقصان وزيادة وتحريف.  ونحن نكتفي 
فيما يلي بذكر بعض النصوص لأعلام الإمامية ، الواردة في هذا المجال :
1 ـ قال الصدوق ( م 381 هـ ) : « اعتقادنا في القرآن الّذي أنزله الله تعالى 
على نبيّه هو ما بين الدفتين ، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ، ومَن
نسب إلينا أنّا نقول إنّه أكثر من ذلك فهو كاذب » (2).
2 ـ وقال الشيخ المفيد ( م 413 هـ) : « قد قال جماعة من أهل الإمامة إنّه لم 
ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة ، ولكن حذف ما كان ثبتاً في مصحف 
أمير المؤمنين من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله ، وذلك ثابتاً منزلاً ، وإن لم 
يكن من جملة كلام الله الّذي هو المعجز ، وقد يسمّى تأويل القرآن قرآناً.
قال تعالى:  { وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ 
زِدْنِي عِلْمًا} (3) ، فسمّى تأويل القرآن قرآناً . وعندي أنّ هذا القول أشبه بمقال مَن 
ادّعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل ، وإليه أميل ، ولله 
أسال توفيقه للصواب ، وأمّا الزيادة فمقطوع على فسادها » (4).
3 ـ وقال الشيخ الطوسي ( م 460 هـ ) : أمّا الكلام في زيادته ونقصانه فممّا لا 
يليق به أيضاً ؛ لأنّ الزيادة فيه مجمع على بطلانها ، وأمّا النقصان منه ، فالظاهر أيضاً 
من مذهب المسلمين خلافه ، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا ، وهو الّذي نصره 
المرتضى ، وهو الظاهر في الروايات.. إلى أن قال : ورواياتنا متناصرة بالحث على
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ الكافي : ج 1، كتاب فضل العلم ، باب الأخذ بالسنة ، الحديث 4.
(2)-  عقائد الصدوق : ص 93 من النسخة الحجرية الملحقة بشرح الباب الحادي عشر.
(3) - سورة طه : الآية 114.
(4) - أوئل المقالات : ص 55. 
________________________________________

(451)
قراءته ، والتمسك بما فيه ، وردّ ما يرد من اختلاف الأخبار في الفروع إليه ، وعرضها 
عليه ، فما وافقه عُمِل به ، وما خالفه تُجُنِّب ، ولم يُلْتَفَت إليه » (1). 
4 ـ قال الطبرسي مؤلف مجمع البيان ( م  548) : « فأمّا الزيادة فمجمع على 
بطلانها ، وأمّا النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية أهل 
السنة أنّ في القرآن نقصاناً ، والصحيح من مذهبنا خلافه ، وهو الّذي نصره المرتضى
- قدس الله روحه -، واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء في جواب المسائل 
الطرابلسيات ، وذكر في مواضع أنّ العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان ،
والحوادث العظام ، والكتب المشهورة ، وأشعار العرب ، فإنّ العناية اشتدت ،
والدواعي توفرت على نقله وحراسته ، وبلغت إلى حدّ لم تبلغه فيما ذكرناه ؛ لأنّ 
القرآن معجزة النبوّة ، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد 
بلغوا في حفظه وحمايته الغاية ، حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته 
وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أنْ يكون مغيّراً ومنقوصاً مع العناية الصادقة والضبط 
الشديد (2).
هؤلاء هم أعلام الشيعة في القرون السابقة من ثالثها إلى سادسها ، ويكفي 
ذلك في إثبات انّ نسبة التحريف إلى الشيعة ظلم وعدوان .
وأمّا المتأخرون فحدّث عنه ولا حرج ، فهم بين مصرِّح بصيانة القرآن عن 
التحريف ، إلى باسط القول في هذا المجال ، إلى مؤلّف أفرده بالتأليف.
ونختم المقالة بكلمة قيمة للأُستاذ الأكبر الإمام الخميني قال : « إنّ الواقف 
على عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه ، قراءةً وكتابةً ، يقف على 
بطلان تلك المزعمة ( التحريف ) ، وأنّه لا ينبغي أن يركن إليها ذو مسكة ، وما 
ورد فيه من الأخبار ، بين ضعيف ، لا يستدل به ، إلى مجعول ، تلوح منه أمارات
الجعل ، إلى غريب ، يقضي منه العجب ، إلى صحيح ، يدل على أن مضمونه تأويل 
الكتاب وتفسيره ، إلى غير ذلك من الأقسام الّتي يحتاج بيان المراد منها إلى تأليف
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ التبيان : ج 1، ص 3.
(2) - مجمع البيان : المقدمة ، الفن الخامس ، ولاحظ بقية كلامه. 
________________________________________

(452)
كتاب حافل . ولولا خوف الخروج عن طور البحث ، لأوضحنا لك أنّ الكتاب هو 
عين ما بين الدفتين ، وأنّ الاختلاف في القراءة ليس إلاّ أمراً حديثاً لا صلة له بما نزل 
به الروح الأمين على قلب سيّد المرسلين » (1). 
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - تهذيب الأُصول : تقريراً لأبحاث الإمام الخميني في أُصول الفقه : ج 2، ص 96.


حديث السلسلة الذهبية _ ملخصات عقائدية

في الأمالي - للشيخ الصدوق - ص 305 :
349 / 8 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله), قال: حدثنا علي بن إبراهيم, عن أبيه, عن يوسف بن عقيل, عن إسحاق بن راهويه, قال: لما وافى أبو الحسن الرضا (عليه السلام) نيسابور, وأراد أن يرحل منها إلى المأمون, اجتمع إليه أصحاب الحديث, فقالوا له: يا بن رسول الله, ترحل عنا ولا تحدثنا بحديث فنستفيده منك, وقد كان قعد في العمارية فأطلع رأسه, وقال: سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمد يقول: سمعت أبي محمد بن علي يقول: سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن علي يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: سمعت جبرئيل (عليه السلام) يقول: سمعت الله عز وجل يقول: لا إله إلا الله حصني, فمن دخل حصني أمن عذابي. فلما مرت الراحلة نادانا: بشروطها, وأنا من شروطها.

الاسانيد الخاصة بالحديث الشريف  :

1- الطبرسي عن عبد الله بن عبد الكريم القشيري عن علي بن محمد الزوزني عن أحمد بن محمد بن هارون الزوزني عن محمد بن عبد الله عن عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي عن أبيه عن علي بن موسى عن آباءه.
2- محمد بن موسى بن المتوكل عن محمد بن جعفر الأسدي عن محمد بن الحسين الصولي عن يوسف بن عقيل عن إسحاق بن راهويه عن الرضا عن آباءه.
3- محمد بن الفضل عن الحسن بن علي الخزرجي عن عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي عن علي بن موسى الرضا عن آباءه.
4- احمد بن الحسين العنبي عن محمد بن عبيد الله بن بابويه عن احمد بن محمد بن إبراهيم بن هاشم عن الحسن بن علي بن محمد بن علي عن علي بن محمد النقي عن أبيه محمد بن علي التقي عن أبيه علي بن موسى الرضا عن آباءه.
5- محمد بن علي بن الشاه عن محمد بن عبد الله النيسابوري عن عبد الله بن أحمد الطائي عن أبيه عن علي بن موسى الرضا عن آباءه.
6- جماعة عن أبي المفضل عن الليث العنبري عن أحمد بن عبد الصمد عن خاله أبي الصلت الهروي عن الرضا عن آباءه.
7- أبو محمد الفحام عن عمر بن يحيى الفحام عن عبد الله بن احمد بن عامر عن أبيه احمد بن عامر الطائي عن علي بن موسى الرضا عن آباءه فمن مجموع هذه الأسانيد هناك اربع طرق مختلفة عن الإمام الرضا وهي ما رواه أحمد بن عامر الطائي واسحاق بن راهويه والإمام الجواد وأبو الصلت الهروي.
ثم ان هناك اسانيد أخرى غير ما ذكرت وهي:
1- الشيخ الصدوق قال حدثنا أبو منصور احمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور قال حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمد الخوري قال حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور قال حدثنا احمد بن عبد الله الهروي الشيباني عن الرضا علي بن موسى (عليهم السلام).
2- الصدوق: حدثنا أبو منصور احمد بن إبراهيم قال حدثنا زيد بن محمد البغدادي قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن احمد الطائي قال حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السلام).
3- الصدوق: حدثنا أبو علي احمد بن أبي جعفر البيهقي قال حدثنا ابو علي احمد بن علي بن جبرائيل الجرجاني البزاز قال حدثنا إسماعيل بن أبي عبد الله أبو عمر والقطان قال حدثنا عبد الله بن احمد بن عامر الطائي قال حدثني أبي احمد عن علي بن مع.... الرضا عليه السلام.
4- الطبري في دلائل الإمامة: حدثني الحسن بن الحسين البرداني قال حدثنا علي بن حبيب قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن عامر قال حدثني أبي قال حدثني علي بن موسى الرضا عليه السلام.
5- النجاشي في رجاله قال: قرأت هذه النسخة على أبي الحسن احمد بن محمد بن موسى اخبركم أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر عن أبيه عن الرضا عليه السلام.
6- الخوارزمي في المناقب: محمد بن عبد الله الزعفراني حدثني محمد بن إسحاق عن إبراهيم بن مخلد الباقرجي حدثني الحسين بن الحسن بن العلي بن بنرار حدثني أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان حدثني عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي قال حدثنا أبي احمد بن عامر حدثني علي بن موسى الرضا.
7- الخوارزمي في مقتل الحسين: علي بن احمد الكرباسي أخبرنا القاضي الإمام أحمد بن عبد الرحمن الريفدموني اخبرنا أبي، أخبرنا محمد بن أحمد الثعالبي اخبرنا محمد بن جعفر البغدادي اخبرنا عبد الله بن احمد بن عامر الطائي حدثني ابي حدثني علي بن موسى الرضا.
8- ابن عساكر في تاريخ دمشق: اخبرنا علي الدنيوي قال انبأنا الحسن الخلال انبأنا احمد بن إبراهيم، انبأنا عبد بن علي بن أحمد، حدثني أبي حدثني علي بن موسى الرضا عليه السلام.
9- ابن بطريق في العمدة: محمد بن يحيى عن أحمد بن إسماعيل الشافعي عن محمد بن احمد الإرغياني عن احمد بن أحمد البلخي عن يحيى بن محمد الأصفهاني عن احمد بن محمد الثعلبي أخبرنا يعقوب بن السري، اخبرنا محمد بن عبد الله بن جنيد: حدثني عبد الله بن أحمد بن عامر حدثني أبي حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام.
10- الطبري في بشارة المصطفى: اخبرنا محمد بن احمد بن شهر يار قال حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن العلوي حدثنا محمد بن عبد الله الشيباني قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن عامر قال: حدثني ابي احمد بن عامر قال حدثني علي بن موسى الرضا عليه السلام.

قمنا بتلخيص هذا المقال من الأسئلة وأجوبتها في مركز الابحاث العقائدية .

قضية الزهراء ( ع ) _ ثانياً

خصوصية التشيع|قضية الزهراء ( ع ) 
المبحث الثاني
تحقيق: صفاء البدري






البحث الثاني
ظلم ابي بكر و عمر للزهراء ( عليها الصلاة والسلام )
في قضية فدك


ان ما حدث بعد رسول الله ((صلى الله عليه واله)) من اعظم المصائب التي مرت على اهل بيت النبوة في التأريخ ليس فقط بحرمان الزهراء (عليهاا السلام) من تراث ابيها , انما مفهوم المظلومية الذي سلكه ابو بكر وعمر تعدى الى اكثر من ذلك بكثير , فقد قاموا بحرق دار فاطمة (عليها الصلاة والسلام) وهي في الدار وهجموا على دارها وقتلوها ابشع قتل بأن عصروها بين الباب والبسمار والناس مجتمعة حول الدار وقد اخذتهم الغفلة وحب الدنيا عن نصرة اهل البيت عليهم الصلاة والسلام , واسقطوا جنينها وكسروا ضلعها وصفعها بن الخطاب على وجهها حتى احمر وجهها , ولم يكتفوا بذلك وانما قاموا باخراج علي من الدار سوقاً للبيعة عليه افضل الصلاة والسلام                                                                                        
هذا يثبت الخطأ الذي وقع به اتباع ابا بكر وعمر حيث يقولون ان الصحابة كانوا متحابين فيما بينهم متألفين والحقيقة تثبت العكس ومن رواياتهم حيث اجبروه على البيعة و جميع كتبهم تثبت ان علياً (عليه الصلاة والسلام )  بايع مكرهاً ابا بكر , وهذا امر اخر من احتجاجنا على المخالفين .           

منع فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) فدكاً  :

ان ابا بكر منع فاطمة الزهراء (عليها الصلاة والسلام) من فدك واعتبرها فئ للمسلمين مستدلاً بحديث لرسول الله ( صلوات الله عليه واله ) لم يثبت هذا الحديث الا انه مفتعل من قبل ابو بكر بن ابي قحافة والحديث هو : اننا معاشر الانبياء لا نورث ما تركنا صدقة , وان كبار الصحابة امثال سلمان الفارسي وابي ذر الغفاري وغيرهم من الصحابة الذين اتبعوا المنهاج الحق لرسول الله (صلى الله عليه واله) قد كذبوا هذا الحديث , وانما ايده به عمر بن الخطاب و خالد بن الوليد وسعد بن ابي وقاص و قنفذ وغيرهم ممن دأبهم عداء اهل البيت عليهم الصلاة والسلام والذين ثبت عندنا نحن الشيعة انهم منافقين وسيرد ذلك في المبحث الثالث ان شاء الله , اذن لماذا ورث سليمان داوود كما هو ثابت في القرآن الكريم اذا كان هذا وراثة نبوة فاننا علمنا ان ابن نوح عليه السلام مات وهو كافر فلماذا لم يرث النبوة من ابيه .             
واذا كان رسول الله صلى الله عليه واله لايورث فما لعائشة ورثت من رسول الله ومنعت من ان يدفن الامام الحسن عليه الصلاة والسلام في بيت الرسول (صلى الله عليه واله)  وقالت لا يدفن في بيتي الغرباء , واذا ادعيتم انها لم ترث فلما دفن ابو بكر وعمر في بيت الرسول (صلى الله عليه واله) فاذا قلتم انه كان صدقة للمسلمين فان ابا بكر وعمر دفنا تعدياً في بيت المسلمين فنرى من التأريخ ان من المسلمين ممن بايعوا كرها ( سلمان وابو ذر وجندب وابن مسعود ) و غيرهم من الشيعة لم يكونوا يرضوا بدفنهما في بيت رسول الله ومنهم علي بن ابي طالب ( عليه الصلاة والسلام ).                                                

ما فدك إلا قرية تبعد عن المدينة مسافة يومين أو ثلاثة ، اضطر سكانها اليهود للاستسلام لرسول الله لعدم قدرتهم على مقاومة جيشه ،  فالغنائم كما هو مذكور في القرآن تُوزع على المسلمين إن كانت عن طريق الحرب وذلك بعد فصل خُمسها  ، أما لو كانت من غير حرب فهي من نصيب الرسول (ص)  لهذا كانت فدك من نصيب الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _ لأنه لم يوجف عليها بخيل أو ركاب ، وتنفيذاً للأمر الإلهي وهبها للزهراء (ع).                                                                        
                                                                                                                                              كما اثبتنا ذلك في البحث الاول في نزول الاية " وآت ذا القربى حقه " في مولاتنا فاطمة ( عليها الصلاة والسلام ) وان ما اشكله ابو بكر على الزهراء هو باطل لا محال حيث انه اشكل عليها بان الرسول (صلى الله عليه واله)  قال" اننا معاشر الانبياء لا نورث" بغض النظر عن ان الحديث صحيح او انه مفتعل فان احتجاجه باطل كون فدك بالاساس هي نحلة اي هدية ولا تعتبر ارثاً.                                           
 ولكي يكون كلامنا دقيق يجب ان نذكر مصدر من مصادر القوم حتى يكون حجة عليهم :                    روى المتقي في الحديث الاخير ، من عنوان : " صلة الرحم والترغيب فيها " من كتاب منتخب كنز    العمال بهامش مسند أحمد بن حنبل : ج 1 ، ص228                                                          
عن أبي سعيد قال : لما نزلت : ( * وآت ذا القربى حقه * ) قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا فاطمة لك فدك.                                                                                                                    
لنتفكر في هذا الحديث ملياً فلنسلم جلاً ان الحديث صحيح وان الرسول لايورث الا النبوة والعلم بهذا تكون الزهراء قد ورثت علم ابيها (صلى الله عليه واله) فلماذا لا تعرف وهي لديها علم الرسول  حق الله في هذه الارض لتطالب بها وغير ذلك فلماذا لم تبايع ابو بكر بل وماتت وهي واجدة عليه اوليس من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهليه فكيف وهي بهذا العلم وتموت ميتة جاهليه حاشاها.                     
(1) أنّ « فدك » لم تذهب الى « خزينة الدولة » الا لفترة قصيرة .. ثمّ سلّمها عمر لابناء فاطمة ، ثمّ انتزعها عثمان ليعطيها لصهره مروان بن الحكم ، ثمّ عادت لعليّ في خلافته ـ وكانت له معها موقف حكيم ! وجاء معاوية فانتزعها من اصحابها ولم يردّها الى خزينة الدولة بل قسّمها بين أقرباءه ثلاث أقسام : فئلث لمروان وثلث لعمر بن عثمان ، وثلث لولده يزيد ( قاتل الحسين بن علي «ع» ) وهكذا بقيت في كف الامويين حتّى خلقت لمروان وحده .. ثمّ ورثها عمر بن عبد العزيز فردّها على أولاد فاطمة ثمّ اضطر تحت ضغط أعوانه الى توزيع غلّتها عليهم فقط واستبقاء الاصل في يده ، ثمّ انتزعها يزيد بن عيد الملك لنفسه ، وبقيت في يد المروانيين حتى زالت دولتهم وعلى زمن العباسيين .. ردّها ابو العباس السفّاح الى ابناء فاطمة ( عبدالله بن الحسن بن الحسن ) ثمّ انتزعها ابو جعفر المنصور ثمّ ردّها ولده المهدي بن المنصور الى ابناء فاطمة ، ثمّ انتزعها ولده موسى بن المهدي                                               ..
وبقيت في يد العباسيين حتّى عام 210 فردّها المأمون على ابناء فاطمة ، وكتب بذلك كتاباً ضمنّة ادلّة امتلاك فاطمة لفدك ثم انتزعها المتوكل ووهبها لابن عمر البازيار ، وكان فيها احدى عشرة نخلة غرسها النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بيده الكريمة فوجّه البازيار رجلا يقال له « بشران فصرم تلك النخيل ، ثمّ عاد ففلج !! ولا يذكر التاريخ شيئاً عن فدك بعد ما صارت في يد البازيار المعادي للنبي وآله عليهم السلام وهكذا كلما كان الحكم يميل « للانصاف » لاهل البيت كان يعيد فدكاً الى ابناء فاطمة وكلّما جنح للظلم ، اغتصبها من جديد ، ولكّن حقّ  فاطمة في فدك صار اظهر من الشمس في رابعة النهار واصبح حديث ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ) مثل ( قميص عثمان ) في التاريخ ، يستمر من وراءه طلاب الحكم ليقصوا عن الخلافة اهلها الحقيقيين ، وكفى ب ( فدك ) شهادة على صدق وطهارة وحقّ منهج وقف على رأسه أهل البيت ـ عليّ وفاطمة والحسن والحسين .. الحماة الحقيقيون للرسالة                  
ومن المفارقات الطريفة ، أن الذين استلبوا الخلافة في سقيفة بني ساعدة من ( أهل البيت ) كانوا يشعرون بالضعف لانّه كان ينقصهم قوة الحقّ في خلافتهم ، فراحوا يرمّمون ذلك النقص بقوة المال المغتصب ، والسيف المشتهر .. أمّا عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) والذي كان ازهد النّاس في الدنيا ، وأحرصهم على الرسالة فما كان ليشعر بشيء من الضعف في خلافته حتّى يغطّيه بالمال فلا نقص « الاجماع الجماهيري » وقد تدافعت نحوه كالسيل وكانّها تعتذر عن تقصيرها القديم .. ولا نقص « النصّ الجلي » وقد صرّح الرسول الاكرم في غدير خمّ وغير غدير خمّ بخلافته له من بعده ولا نقص « القرابة » الى الرسول وهو بن عمه وزوج سيدة نساء أهل الجنة « فاطمة » ولا « الجهاد » والا سبقيّة الى الاسلام وقد كان الاوّل في كلّ تلك المناقب لذلك فانّه ما أن امتلك السلطة حتّى رفض أن يستفيد من « فدك » شخصياً وكان ينفق جميع عائداتها على الفقراء ليدلّل على ان مطالبة أهل البيت « بفدك » لم يكن لاجل الدنيا ، وان الذين اغتصبوها منهم ما فعلو ذلك .. للآخرة                                                      
(1) في بحث _ كلمة الزهراء (عليها الصلاة والسلام) - للسيد عباس المدرسي -                                  


هذا وقد بينا حجتنا في قضية الزهراء سلام الله عليها في ارض فدك لاتمام الحجة العظمى نذكر خطبة الصديقة فاطمة الزهراء ( صلوات الله عليها ) وارثة  المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :          

كتاب الاحتجاج | للطبرسي ج 1                                                                                    
 روى عبد الله بن الحسن عليه السلام بإسناده عن آبائه عليهم السلام أنه لمّا أجمع أبو بكر على منع فاطمة عليها السلام فدك وبلغها ذلك لاثت خمارها على رأسها واشتملت بجلبابها وأقبلت في لُمَةٍ من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها ما تخْرِمُ مِشيتُها مِشية رسول الله صلى الله عليه وآله حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشدٍ من المهاجرين والأنصار وغيرهم فنيطت دونها مُلاءةٌ فجلست ثم أنًّت أنَّةً أجهش القومُ لها بالبكاء فارتجَّ المجلسُ ثم أمهلت هنِيَّةً حتى إذا سكن نشيج ُ القوم وهدأت فورتُهُم افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله فعاد القوم في بكائهم فلما أمسكوا عادت في كلامِها فقالت عليها السلام.                                                                                                

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم والثناء بما قدَّمَ من عموم نعمٍ ابتدأها وسبوغِ آلاءٍ أسداها وتمام مِننٍ والاها جمَّ عن الإحصاءِ عدَدُها ونأى عن الجزاءِ أمدُها وتفاوت عن الإدراك أبدُها وندبهُم لا ستِزادتِها بالشكر لاتِّصالِها واستحْمَدَ إلى الخلايقِ بإجزالِها وثنّى بالنَّدبِ إلى أمثالِها وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كلمةٌ جعل لإخلاصَ تأويلَها وضمَّن القلوبَ موْصولَها وأنار في الفكر معقولها المُمتنِعُ من الأبصار رؤيتُهُ ومن الألْسُنِ صِفَتُهُ ومن الأَوهام كيفيَّتُهُ وابتدعَ الأشياءَ لا من شئٍ كان قبلها وأنشأها بلا احتِذاءِ أمثِلةٍ امتثلَها كوَنها بقدرتِهِ وذرأَها بمشيَّتِهِ من غيرِ حاجةٍ منه إلى تكوينها ولا فائِدةٍ له في تصويرِها إلا تثْبيتاً لحكمته وتنبيهاً على طاعته وإظهاراً لقدرته وتعبُّداً لبَريَّتِه وإعزازاً لدعوته ثم جعل الثواب على طاعته ووضع العقاب على معصيته ذيادةً لعباده عن نقمته وحياشةً منه إلى جنته.             

وأشهد أن أبي محمداً صلى الله عليه وآله عبده ورسوله اختاره وانتجَبَهُ قبل أن أرسله وسمّاه قبل أنِ ابْتعثه إذِ الخلائقُ بالغيبِ مكنونةٌ وبسِترِ الأهاويل مصونةٌُ وبنهاية العدم مقرونة علماً من الله تعالى بمآيلِ الامور وإحاطةً بحوادِثِ الدهور ومعرفةً بمواقع المقدور ابتعثه الله تعالى إتماماً لأمره وعزيمةً على إمضاءِ حكمه وإنفاذاً لمقاديرِ حتمِه.                                                                               



فرأى الاُمَمَ فِرَقاً في أدْيانِها عُكَّفاً على نيرانِها عابِدةً لأِوثانِها منكِرةً لله مع عِرفانِها فأنارَ الله بمحمدٍ صلى الله عليه وآله ظُلَمَها وكَشَفَ عن القلوبِ بُهَمَها وجلّى عن الأبصارِ غُمَمَها وقام في الناسِ بالهداية وأنقذهم من الغوايةِ وبصَّرهُم من العَمايَةِ وهداهم إلى الدين القويم ودعاهم إلى الطريق المستقيم                     
ثم قبضه الله إليه قبضَ  رأفةٍ واختيارٍ ورغبةٍ وإيثارٍ بمحمدٍ صلى الله عليه وآله عن تعب هذه الدار في راحةٍ قد حُفَّ بالملائِكة الأبرار ورضوان الربِّ الغفار ومجاورةِ الملك الجبار صلى الله على اَبي نبيِّه وأمينهِ على الوحي وصفيِّه وخيَرَته من الخلق ورضيِّه والسلام عليه ورحمة الله وبركاته                    

ثم التفتت إلى أهل المجلس وقالت:                                                                                

أنتم عبادَ الله نُصْبُ أمره ونهيه وحملةُ دينه ووحيه واُمناءُ الله على أنفُسِكم وبُلَغاؤُه إلى الاُمَمِ وزعمتُم حقٌّ لكم لله فيكم عهدٌ قدَّمه إليكم وبقيَّةٌ استخلفَها عليكم كتابُ الله الناطقُ والقرآنُ الصادقُ والنورُ الساطِعُ والضياءُ اللامع بيِّنةٌ بصائِره منكشِفةٌ سرائرُه متجلِّيةٌ ظواهره مُغْتبِطة ٌبه تُنال حُججُ الله المنورة وعزائمُه المُفَسَّرة ومحارمه المُحذَّرة وبيِّناته الجلية وبراهينه الكافية وفضائله المندوبة ورُخَصُه الموهوبة وشرايعُه المكتوبة                                                                                       
فجعل الله االايمان تطهيراً لكم من الشرك والصلاة تنزيهاً لكم عن الكِبْر والزكاة تزكية للنفس ونماءً في الرزق والصيام تثبيتاً للإخلاص والحج تشْييداً للدين والعدل تنسيقا للقلوب وطاعتنا نظاماً للملَّة وإمامتنا أماناً من الفُرقة والجهاد عِزاً للإسلام والصبرَ معونةً على استيجاب الأجر والأمر بالمعروف مصلحةً للعامة وبِر الوالدين وقايةً من السَّخط وصِلةَ الأرحام منْماةً للعدد والقِصاصَ حِصناً للدماء والوفاءَ بالنذر تعريضاً للمغفرة وتوفية المكاييل والموازين تغييراً للبخس والنهيَ عن شرب الخمر تنزيها عن الِّرجس واجتناب القذّف  حجاباً عن اللعنة وترك السرقة إيجاباً للعفة وحرم الله الشرك إخلاصا ً له بالربوبية فاتقوا الله حق تُقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون وأطيعوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه فإنه إنما يخشى الله من عباده العلماء ثم قالت أيها الناس اعلموا أني فاطمة وأبي محمد صلى الله عليه وآله أقول عوْداً وبدْءاً ولا أقول ما أقول  غلطاً ولا أفعل ما أفعل شططاً لقد جاءكم رسول ٌ من أنفسكم عزيزٌ  عليه ما عنِتُّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم فإن تعزُوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم وأخا ابنِ عمي دون رجالكم  ولَنِعم المَعْزِيُّ إليه صلى اله عليه وآله فبلَّغ الرسالة صادِعا بالنِّذارة مائلاً عن مدْرجَة المشركين ضارباً ثَبَجَهُم آخِذاً بأكظامِهِم داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة يكسِر الأصنام     

وينْكُت الهام حتى انهزم الجمع وولوا الدبر حتى تفرَّى الليل عن صبحه وأسفر الحق عن محضه ونطق زعيم الدين وخرست شقاشِق الشياطين وطاح و شيظُ النفاق وانحلَّت عقد الكفر والشِّقاق  وفُهْتُم بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخِماص وكنتم على شَفا حفرةٍ من النار مُذْقة َالشارب ونُهْزة الطامع وقُبْسة العجلان وموْطِئَ الأقدام تشربون الطَّرقَ وتقتاتون الورق أذلَّةً خاسئين تخافون أن يتخَطَّفكم الناس من حولِكم فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمدٍ صلى الله عليه وآله بعد اللّتَيّا والتي وبعد أن مُنِيَ بِبُهَمِ الرجال وذُؤْبان العرب ومَرَدَةِ أهلِ الكتاب كلما أَوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله أو نَجَمَ قرْنٌ للشيطان وفَغَرَت فاغِرةٌ من المشركين قذف أخاه ُ في لهَواتِها فلا ينكَفئُ حتى يطأَ صِماخَها بأخْمَصِهِ  ويُخْمِدَ لهبها بسيفه مكدوداً في ذات الله مجتهداً في أمر الله قريباً من رسول الله سيد أولياء الله مشْمِّراً ناصحاً مجداً كادحاً وأنتم في رفاهية من العيش وادِعُون آمِنون تتربَّصون بِنى الدوائر وتتوكَّفون الأخبار وتَنكُصون عند النِّزال وتَفِرون عند القتال  فلمَّا اختار الله لنبِيِّه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه ظهر فيكم حسيكة النفاق وسَمَلَ جِلباب الدين ونطق كاظم الغاوين ونبع خامل الأقلِّين وهَدَرَ فَنيقُ المبطلين فخَطَرفي عَرَصاتِكم وأطْلع الشيطان رأسَه من مغرِزِهِ هاتفاً بكم فألفاكم لدعوته مستجيبين وللغِرَّة فيه ملاحظين ثم استنهضكُم فوجد كم خِفافاً وأحمشكم فألفاكم غِضاباً فوسمتم غير اِبلِكُم وأوردتُم غيرَ شِربِكم هذا والعهدُ قريبٌ والكَلْمُ رحِيبٌ والجرح لمّا يندمِل والرسولُ لمّا يُقبر ابتِداراً زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطةٌ بالكافرين                   
فهيهات منكم وكيف بكم وأنّى تُؤْفكون وكتاب الله بين أظهُركم اُموره ظاهرةٌ وأحكامُه زاهرةٌ وأعلامه باهرة وزواجره لائحة وأوامره واضحة قد خلّفتموه وراء ظهوركم أرَغبةً عنه تريدون أم بغيره تحكمون بئس للظالمين بدلاً                                                                                                  
ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ثم أَخذتُم تُورون وَقْدَتها وتهَيِّجون جمرتها وتستجيبون لهتاف الشيطان الغويِّ وإطفاء أنوار الدين الجليِّ وإهماد سُننِ النبي الصفي تُسرُّون حَسْواً في ارتِغاءٍ وتمشون لأهلِهِ وولَدِهِ في الخمَرِ والضَّراء ونصبر منكم على مثل حَزِّ المُدى ووخْز السِّنان في الحشا وأنتم تزعُمون ألاّ إرث لنا أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون أفلا تعلمون بلى تجلّى لكم كالشمس الضاحية أنِّي ابنته أيها المسلمون أاُغب على إرْثيَهْ يا ابن أبي قحافة إفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرثَ أبي لقد جئْت شيئاً فرياً أفَعَلى عمدٍ تركتم كتاب الله ونبذتُمُوه وراء ظهوركُم إذ يقول وورث سليمان داود وقال فيما اقتصَّ من خبر يحي بن زكريا عليهما السلام إذ قال ربِّ هب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب وقال واُولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله وقال يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظِّ الاُنثيين وقال إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين وزعمتم ألا حِظوة لي ولا إرث من أبي لا رحِم بيننا                             
أفخصَّكُمُ  الله بآيةً أخرج منها أبي أم هل تقولون أهل ملَّتين لا يتوارثان ولستُ أنا وأبي من أهل ملةٍ واحدةٍ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي فدونَكَها مخطومةً مرْحولةً تلقاك يوم حشرك

فنعم الحَكَم الله والزَّعيم محمد والموعد القيامة وعند الساعة ما تخسِرون ولا ينفَعُكُم إذ تندمون ولكل نبأٍ مستقرٌّ وسوف تعلمون من يأتيه عذابٌ يُخزيه ويحِل عليه عذابٌ مقيم ثم رمت بطَرْفِها نحو الأنصار فقالت يا معاشر الفِتْية وأعضاد الملَّة وأنصار الإسلام ما هذه الغميزة في حقّي والسِّنة عن ظُلامتي أما كان رسول الله صلى الله عليه وآله أبي يقول المرء يُحفظ في وُلْده سرعان ما أحْدثْتم وعجلان ذا إهالةً ولكم طاقةٌ بما اُحاول وقوَّةٌ على ما أطلب واُزاول                                                                      

أتقولون مات محمد صلى الله عليه وآله فخَطْبٌ جليل اسْتَوسع وَهْيُهُ واستنهر فتقه وانفتق رتْقُهُ وأظلمت الأرض لِغيْبتِه وكُسِفت النجوم لمصيبته وأكدت الآمال وخشعت الجبال واُضيع الحريم اُزيلت الحرمة عند مماتِهِ فتِلك والله النازِلة الكبرى والمصيبة العظمى لا مثلها نازلةٌ ولا بائقةٌ عاجلةٌ أعلن بها كتاب الله جل ثناؤُهُ في أفنيتكم في مُمْساكُم ومُصْبَحِكم هِتافاً وصراخاً وتلاوة وإلحاناًً ولَقَبْلهُ ما حلَّ بأنبياء الله ورسلِهِ حكمٌ فصْلٌ حتمٌ وما محمدٌ إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين أيهاً بني قَيْلة أاُهضَمُ تراث أبيهْ وأنتم بمرْأى منِّي ومسْمعٍ ومبتدأٍ ومجمعٍ تلْبَسُكُك الدعوة وتشْمُلُكُك الخَبْرَة وأنتم ذوو العدد والعدة والأداة والقوة وعندكم السلاح والجُنة توافيكم الدعوة فلا تجيبون وتأتيكم الصرخة فلا تُغيثون وأنتم موْصفون بالكفاح ومعروف بالخير والصلاح والنخبة التي انتحبت والخيَرة التي اختيرت قاتلتم العرب وتحمَّلتم الكد والتعب  ناطحتم الاُمم وكافحتم إليهم فلا نبرح أو تبرحون نأمركم فتأتمرون حتى دارت بنا رحى الإسلام ودرَّ  حلَب الأيام وخضعت نُعَرة الشرك وسكنت غوْرة الإفك وخمدت نيران الكفر وهدأت دعوة الهرج واستوسق نظام الدين فأنى جُرتم بعد البيان وأسررتم بعد الإعلان ونكصتم بعد اإقدام وأشركتم بعد الإيمان ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهمُّوا بإخراج الرسول وهم بدأوكم أول مرةٍ أتخشوْهم فالله أحق أن تخشوْه إن كنتم مؤمنين ألا قد أرى أن أخلدتم إلى الخفض وأبعدتم من هو أحق بالبسط والقبض  وخلوْتُم بالدعة ونجوتم من الضيق بالسَّعة فمججتم ما وعيتم ودسعتم الذي تسوَّغتم فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد ألا وقد قلت ما قلت على معرفة منِّي بالخَذْلة التي خامرتكم والغدرة التي استعَرَتها قلوبكم ولكنها فيْضة النفس ونفثة الغيظ وخوَر القنا وبثَّة الصدور وتقْدِمة الحجة فدونكُمُوها فاحتقِبوها دِبِرة الظَّهر ونَقِبة الخُفِّ باقية العار موسومةً بغضب الله وشنار الأبد موصولةً بنار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة فبعين الله ما تفعلون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون وأنا ابنة نذيرٍ لكم بين يدي عذابٍ شديد فاعملوا إنّا عاملون وانتظروا إنا منتظرون                                                                

فأجابها أبوبكر عبد الله بن عثمان فقال يا ابنة رسول الله لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفا كريماً رؤوفاً رحيماً وعلى الكافرين عذاباً أليماً وعقاباً عظيماً فإن عزَونا ه وجدناه أباك دون النساء وأخاً لبعلك دون    

الأخلاء آثرَه على كل حميم وساعده في كل أمرٍ جسيم لا يحبكم إلا سعيد ولا يبغضكم إلا كل شقيٍّ فأنتم عترة رسول الله صلى الله عليه وآله الطيبون والخِيَرَة المنتجبون على الخير أدلتنا وإلى الجنة مسالِكنا وأنت يا خيرة النساء وابنة خير الأنبياء صادقةٌ في قولك سابقةٌ في وفور عقلك غير مردودةٍ عن حقك ولا مصدودةٍ عن صدقك ووالله ما عدَوْتُ رسول الله صلى الله عليه وآله يقول نحن معاشر الأنبياء لا نورِّث ذهباً ولا فضة ولا داراً ولا عقاراً وإنما نُوَرث الكتب والحكمة والعلم والنبوة وما كان لنا من طُعمةٍ فلوليِّ الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه                                                                                    

وقد جعلنا ما حاولتِهِ في الكُراع والسلاح يقابل به المسلمون ويجاهدون الكفار ويجالدون المردة ثم الفُجّار وذلك بإجماع من المسلمين لم أتفرَّد به وحدي ولم أستبدَّ بما كان الرأي فيه عندي وهذه حالي ومالي هي لك وبين يديك لا نزوي عنك ولا ندَّخر دونك وأنت سيدة أمة أبيك والشجرة الطيبة لبنيك لا يُدفع ما لك من فضلك ولا يُوضع من فرعك وأصلك حكمك نافذ فيما ملَكَتْ يداي فهل ترين أن أُخالفَ في ذلك أباك صلى الله عليه وآله                                                                                                        

فقالت عليها السلام سبحان الله ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله عن كتاب الله صادفاً ولا لأحكامه مخالفاً بل كان يتَّبع أثره ويقفو سُورَه أفتجمعون إلى الغدر اعتلالاً عليه بالزُّور وهذا بعد وفاته شبيهٌ بما بُغيَ له من الغوائل في حياتهِ هذا كتاب الله حكماً عدلاً وناطقاً فصلاً بقول يرثني ويرث من آل يعقوب       
وورث سليمان داود فبيَّن عز وجل فيما وزَّع عليه من الأقساط  وشرَّع من الفرايض والميراث وأباح من حظ الذكران والإناث ما أزاح علَّة المبطلين وأزال التَّظنّي والشبهات في الغابرين كلا بل سوَّلت لكم أنفسكم أمراً فصبرٌ جميل والله المستعان على ما تصفون                                                                

فقال أبو بكر صدق الله ورسوله وصدقت ابنته أنت معدن الحكمة وموطن الهدى والرحمة وركن الدين وعين الحجة لا اُبعِد صوابَكِ ولا اُنكر خطابَك هؤلاء المسلمون بيني وبينك قلَّدوني ما تقلَّدت وباتِّفاق منهم أخذت ما أخذت ما أخذت غير مكابر ولا مستبدٍ ولا مستأثر وهم بذلك شهود                                  
  
فالتفتت فاطمة عليها السلام وقالت معاشر الناس المسرعة إلى قيل الباطل والمُغضِبة على الفعل القبيح الخاسر أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالُها كلاّ بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم فأخذ بسمعكم وأبصاركم ولبئس ما تأوَّلتم وساء ما به أشرتم وشرَّ ما منه اعتضتم لتجدن والله محمِله ثقيلاً وغِبَّه وبيلاً إذا كُشف لكم الغطاء وبان ما وراءه الضراء وبدالكم من ربكم مالم تكونوا تحتسبون وخسِر هنالك المبطلون ثم عطفت على قبر النبي صلى الله عليه وآله وقالت:                                               

قـــــد كان بعــــــــدك أنباءٌ وهنْبَثةٌ                    لو كنـــت شاهدها لم تكبُرِ الخـَطْب

إنا فقدناك فـــــــقد الأرض وابلــها                   واختلَّ قومُك فاشــــهدهُم وقد نكِبوا

وكلُّ أهلٍ له قُربى ومــــــــــــَنزِلةٌ                    عند الإله على الأدنيْنَ مُقــــــــتَرِب

أبْدَت رجالٌ لنا نجوى صدورهــم                    لمّا مضـــــيْت وحالت دونك التُّرب

تجهَّمتنا رجالٌ واستُـــــــــخف بنا                    لمّا فُقدت وكُل الأرض مُغــــتصب

وكنت بدراً ونوراً يُستــــــضاء به                   عــــليك تُنزل من ذي العزة الكُتُبُ

وكان جبريل بالآيات يونــــــــسنا                    فقد فُـــــــقدت فكل الخير محــتجب

فلت قبلك كان المـــــــوت صادَفنا                    لما مضيْت وحالت دونك الكـــــتُبُ

إنا رُزِنا بما لم يُرْزَ ذو شـــــــجَنٍ                    من البرِيَّة لا عُــــــــــجمٌ ولا عربُ

 ثم انكفأت عليها السلام وأمير المؤمنين على السلام يتوقع رجوعها إليه ويتطلّع طلوعها عليه فلما استقرت بها الدار قالت لأمير المؤمنين عليه السلام يا ابن أبي طالب اشتملت شِملة الجنين وقعدت حُجرة الظنين نقضت قادمة الأجْدل فخانك ريش الأعزل هذا ابن أبي قحافة يبتزَّني نُحَيْلة أبي وبُلْغة ابني لقد أجهر في خصامي والفَيْتُه ألدَّ في كلامي حتى حبستني قيْلة نصرها والمهاجرة وصلها وغضَّت الجماعة دوني طرفها فلا دافع ولا مانع خرجتُ كاظمةً وعدت راغمةً أضْرعتَ خدك يوم أضَعتَ حدَّك افترست الذئاب  ما كففت قائلاً ولا غنيت باطلاً ولا خيار لي ليتني مت قبل هنيَّتي ودون زلَّتي عذيري الله منك عادياً ومنك حامياً ويلاي في كل شارقٍ مات العمد ووهتِ العضُد شكواي إلى أبي وعداوي إلى ربي اللهم أنت أشدُّ قوةٌ وحولاً وأحدُّ بأساً وتنكيلاً                                                                            

فقال أمير المؤمنين عليه السلام لا ويل عليك الويل لشانئك نهنهي عن وجْدِك يا ابنة الصفوة وبقية النبوة فما ونيْتُ عن ديني ولا أخطأت مقدوري فإن كنتِ تريدين البُلْغة فرزقك مضمون وكفيلُك مأمون وما أَعدَّ لك أفضل مما قُطع فاحتسبي الله فقالت حسبيَ الله وأمسكت.                                                     
في الواقع ان فدك هي ليست الحق الوحيد للزهراء سلام الله عليها وانما منعت من كل ارثها وحقها ولكن كانت قضية فدك ابرز قضية كونها نحلة وليست ارثاً , واننا لنعجب من القوم يحتجون علينا لمَ لم يطالب امير المؤمنين عليه الصلاة والسلام بحق الزهراء او لمَ لم تطالب الزهراء نفسها بارثها , في الواقع كتبنا وكتبهم كما بينا مليئة بالاحاديث التي تثبت مطالبة الزهراء بارثها وكذلك امير المؤمنين صلوات الله عليهما .                                                                                                              
والحقيقة ان اثبتنا ان الزهراء سلام الله عليها قد طالبت بارثها من ابو بكر فهذا يثبت بطلان مذهبهم وذلك لان الزهراء سلام الله عليها هي الطاهرة المطهرة وباجماع المسلمين ان الاية الكريمة " انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً " تشمل فاطمة الزهراء ( عليها الصلاة والسلام) فكيف من شهد لها القران بالتطهير والبعد عن كل رجس ان تطالب بما هو ليس من حقها وتخالف شرع الله وتشريعه.                                                                                                            



كما وانا ان اثبتنا ان فاطمة سلام الله عليها لم تبايع ابو بكر ولم ترضَ بحكمه ولا به خليفة للمسلمين سنصل الى نفس النتيجة " من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتةً جاهلية" فكيف وهي المطهرة تموت وهي لا تعرف امام زمانها حاشاها.                                                                               
وهنا يثبت ان ابا بكر هو من خالف شرع الله بحرمان الزهراء من ارثها فهو باطل وخلافته باطلة وهنا بطلان مذهب الجماعة.                                                                                              
صحيح البخارى - البخاري ج 5 ص82                                                                            
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة ان فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه وسلم ارسلت إلى أبى بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما افاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقى من خمس خيبر فقال أبو بكر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة انما يأكل آل محمد في هذا المال وانى والله لا اغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التى كان عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أبو بكر ان يدفع إلى فاطمة منها شيئا فوجدت فاطمة على أبى بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة اشهر فلما توفيت دفنها زوجها على ليلا ولم يؤذن بها ابا بكر / صفحة 83 / وصلى عليها.                            

صحيح البخاري - المغازي - غزوة خيبر - رقم الحديث : 3913                                              
حدثنا : ‏ ‏يحيى بن بكير ‏ ، حدثنا : ‏ ‏الليث ‏ ‏، عن ‏ ‏عقيل ‏ ‏، عن ‏ ‏إبن شهاب ‏ ‏، عن ‏ ‏عروة ‏ ‏، عن ‏ ‏عائشة ‏: ‏أن ‏ ‏فاطمة ‏ ‏(ع) ‏ ‏بنت النبي ‏ (ص) ‏ ‏أرسلت إلى ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏تسأله ميراثها من رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏مما ‏ ‏أفاء ‏ ‏الله عليه ‏ ‏بالمدينة ‏ ‏وفدك ‏ ‏وما بقي من خمس ‏ ‏خيبر ‏، ‏فقال أبوبكر ‏: ‏أن رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏قال : ‏ ‏لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل ‏ ‏محمد ‏ (ص) ‏ ‏في هذا المال وإني والله لا أغير شيئاًً من صدقة رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏، عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏فأبى ‏ ‏أبوبكر ‏: ‏أن يدفع إلى ‏ ‏فاطمة ‏ ‏منها شيئاًً فوجدت ‏ ‏فاطمة ‏ ‏على ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت ، وعاشت بعد النبي ‏ (ص) ‏ ‏ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها ‏ ‏علي ‏ ‏ليلاًً ولم يؤذن بها ‏ ‏أبابكر ‏ ‏وصلى عليها                                                                                    

صحيح مسلم - الجهاد والسير - قول النبي ... - رقم الحديث :    3304                                     
حدثني : ‏ ‏محمد بن رافع ‏ ، أخبرنا : ‏ ‏حجين ‏ ، حدثنا : ‏ ‏ليث ‏ ‏، عن ‏ ‏عقيل ‏ ‏، عن ‏ ‏إبن شهاب ‏ ‏، عن ‏ ‏عروة بن الزبير ‏ ‏، عن ‏ ‏عائشة ‏: ‏أنها أخبرته :‏ ‏أن ‏ ‏فاطمة بنت رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏أرسلت إلى ‏ ‏أبي بكر الصديق ‏ ‏تسأله ميراثها من رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏مما ‏ ‏أفاء ‏ ‏الله عليه ‏ ‏بالمدينة ‏ ‏وفدك ‏ ‏وما بقي من ‏ ‏خمس ‏ ‏خيبر ‏، ‏فقال أبوبكر ‏: ‏أن رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏قال : ‏ ‏لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل ‏ ‏محمد ‏ (ص) ‏ ‏في هذا المال ، وإني والله لا أغير شيئاًً من صدقة رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏، عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله ‏ (ص) ‏، ‏فأبى ‏ ‏أبوبكر ‏: ‏أن يدفع إلى ‏ ‏فاطمة ‏ ‏شيئاًً ‏ ‏، فوجدت ‏ ‏فاطمة ‏ ‏على ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏في ذلك قال : فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت ، وعاشت بعد رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏ستة أشهر ، فلما توفيت دفنها زوجها ‏ ‏علي بن أبي طالب ‏ ‏ليلاًً ولم ‏ ‏يؤذن ‏ ‏بها ‏ ‏أبابكر ‏ ‏وصلى عليها ‏ ‏علي                                                                                         

يحتج علينا اكابر علماءهم : لماذا لم يرد امير المؤمنين فدكا الى ابناء فاطمة سلام الله عليهما حين استلم الخلافة؟؟                                                                                                             
بل ويدعون بذلك ان امير المؤمنين استن سنن الشيخين ( ابو بكر وعمر ) وهذا لا صحة له فجوابنا جواب امير المومنين عليه السلام :                                                                               
الكافي الشريف _ للعلامة الكليني رحمه الله | ج8 ص 58                                                      
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عثمان، عن سليم بن قيس الهلالي قال: خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) فحمد الله وأثنى عليه ثم صلى على النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: ألا إن أخوف ما أخاف عليكم خلتان : اتباع الهوى وطول الامل أما اتباع الهوى فيصد عن الحق وأما طول الامل فينسي الآخرة، ألا إن الدنيا قد ترحلت مدبرة وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة ولكن واحدة بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وإن غدا حساب ولا عمل وإنما بدء وقوع الفتن من أهواء تتبع وأحكام تبتدع، يخالف فيها حكم الله يتولى فيها رجال رجالا، ألا إن الحق لو خلص لم يكن اختلاف ولو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى  لكنه يؤخذ من هذا ضِغْثٌ ومن هذا ضغثٌ فيمزجان فيجللان معاً ، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه ، ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى                                                                                                          
إني سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : كيف أنتم إذا لبستم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ، يجري الناس عليها ويتخذونها سنة ، فإذا غير منها شئ قيل : قد غيرت السنة وقد أتى الناس منكراً ! ثم تشتد البلية وتسبى الذرية وتدقهم الفتنة كما تدق النار الحطب وكما تدق الرحا بثفالها ، ويتفقهون لغير الله ويتعلمون لغير العمل ، ويطلبون الدنيا بأعمال الآخرة                             

ثم أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصته وشيعته فقال:                                              
قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) متعمدين لخلافه ، ناقضين لعهده ، مغيرين لسنته ، ولو حَمَلتُ الناس على تركها وحوَّلتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لتفرق عني جندي ، حتى أبقى وحدي ، أو في قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) !! أرأيتم لو أمرتُ بمقام إبراهيم(عليه السلام) فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ،((( ورددتُ فدك إلى ورثة فاطمة )))، ورددتُ صاع رسول(صلى الله عليه وآله وسلم) كما كان وأمضيتُ قطائع أقطعها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ ، ورددت دار جعفر إلى ورثته وهدمتها من المسجد ، ورددت قضايا من الجور قضي بها ، ونزعت نساءً تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهن واستقبلت بهن الحكم في الفروج والأرحام ، وسبيت ذراري بني تغلب ، ورددت ما قسم من أرض خيبر ، ومحوت دواوين العطايا ، وأعطيت كما كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يعطي بالسوية ، ولم أجعلها دولة بين الأغنياء ، وألقيت المساحة ، وسويت بين المناكح وأنفذت خُمس الرسول كما أنزل الله عز وجل وفرضه، ورددت مسجد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ما كان عليه ، وسددت ما فتح فيه من الأبواب ، وفتحت ما سدَّ منه ، وحرمت المسح على الخفين ، وحددت على النبيذ ، وأمرت بإحلال المتعتين ، وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات ، وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وأخرجت من أدخل مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مسجده ممن كان رسول الله أخرجه، وأدخلت من أخرج بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ممن كان رسول الله أدخله ، وحملت الناس على حكم القرآن وعلى الطلاق على السنة ، وأخذت الصدقات على أصنافها وحدودها ، ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها ومواضعها ، ورددت أهل نجران إلى مواضعهم ، ورددت سبايا فارس وسائر الأمم إلى كتاب الله وسنة نبيه(صلى الله عليه وآله وسلم) ، إذن لتفرقوا عني !! والله لقد أمرت الناس أن لايجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة ، وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي: يا أهل الإسلام غُيِّرتْ سنة عمر ، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً ! ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري ما لقيتُ من هذه الأمة من الفرقة ، وطاعة أئمة الضلالة والدعاة إلى النار.                  
ويحتجون علينا بحديث الكليني الصحيح ف كتابه الكافي                                                        
في الكافي الجزء الأول .. في باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء.. ورد الأتي .. : - قال ابو عبد الله (عليه السلام).. إن العلماء ورثة الانبياء وذاك أن الانبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا، وانما اورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا وافرا، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه؟ فإن فينا
أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين                  
والواقع ان هذا الحديث لا ينفعهم بشئ في النقاش السبب اننا لانقول ان فدك هي ارث وانما هي نحلة اعطاها رسول الله ( صلى الله عليه واله ) لفاطمة الزهراء ودليلنا من كتبهم واحاديثهم التي قالت في تفسير الاية " وآت ذا القربى حقه" كما بينا                                                                     
اما في فهم الحديث اعلاه في الكافي الشريف فانهم قد وقعوا في خطأ التأويل كعادتهم فالحديث قال: لم يورثوا ولم يقل لا نورث كالحديث الذي افتعله ابو بكر , والفرق واضح ومقصد الحديث ان الانبياء لم يأتوا ليجمعوا الدنانير ويملكوا الاموال وانما جاءوا لاقامة الحق وهداية الناس وهذا لا ينفي انهم تركوا في حياتهم ما يورث عنهم والدليل " وورث داوود سليمان " " يرثني ويرث من ال يعقوب "              
ولعلّ في هذه الرواية وأمثالها إشارةً إلى أنّ أصحاب الأنبياء يجب أن يكونوا كالأنبياء علماً وأخلافاً وسيرةً، ليكونوا علماء في الأُمّة يقومون بدور الأنبياء من بعدهم، في تزكية الأُمّة وتعليمها الكتاب والسنّة، لا أن ينتهزوا فرصة صحبة الرسول للوصول إلى المقاصد الدنيويّة                                  
ففي هذه الرواية إشارة إلى سوء حال جمع من كبار صحابة الرسول، الذين تركوا الأموال الطائلة والآلاف المؤلَّفة من الذهب والفضّة، خلافاً للسيرة النبويّة والتعاليم الإسلاميّة.                                        
واني وفي ختام بحثي في قضية فدك اؤكد على مسألة كون اغلب احتجاجاتهم في ان الانبياء لايورثون او يحتجون ان النساء لا ترث العقار  الى ما شاكل ذلك فاني اؤكد ان فدك هي ليست بارث وانما هي نحلة  من كتبهم .                                                                                                           
 (1037) قرأت على الحسين بن يزيد الطحان هذا الحديث فقال : هو ما قرأت على سعيد بن خثيم ، عن فضيل ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : لما نزلت هذه الآية وآت ذا القربى حقه دعا النبي (ص) فاطمة وأعطاها فدك                                                                                                        
إبن حجر - المطالب العالية - كتاب التفسير                                                                      
(3801 - ) وقال أبو يعلى : قرأت على الحسين بن يزيد الطحان قال : هذا ما قرأت على سعيد بن خثيم ، عن فضيل ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : لما نزلت : وآت ذا القربى حقه دعا رسول الله (ص) فاطمة وأعطاها فدكا                                                                                                        
البيهقي - السنن الكبرى - كتاب قسم الفيئ والغنيمة                                                            
471 - أخبرنا زكريا بن أحمد بقراءتي عليه في داري من أصل سماعه قال : أخبرنا محمد بن الحسين بن النخاس ببغداد قال : حدثنا عبد الله بن زيدان ، قال : حدثنا أبو كريب قال : حدثنا معاوية بن هشام القصار ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية : عن أبي سعيد قال : لما نزلتوآت ذا القربى حقه دعا رسول الله (ص) فاطمة فأعطاها فدكا.                                                                                          
الحاكم الحسكاني - شواهد التنزيل - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 441)                             

472 - أخبرنا أبو سعد السعدي بقراءتي عليه في الجامع من أصل سماعه قال : أخبرنا أبو الفضل الطوسي قال : أخبرنا أبو بكر العامري قال : أخبرنا هارون بن عيسى قال : أخبرنا بكار بن محمد بن شعبة ، قال : حدثني أبي قال : حدثني بكر بن الاعتق عن عطية العوفي : عن أبي سعيد الخدري قال : لما نزلت على رسول الله : وآت ذا القربى حقه دعا فاطمة فأعطاها فدكا والعوالي وقال : هذا قسم قسمه الله لك ولعقبك.                                                                                                            
الحاكم الحسكاني - شواهد التنزيل - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 442 )                                 

- ورواه أيضا الثعلبي كما في تفسير الآية الكريمة من تفسير البرهان : ج 2 ص 415 . وورد أيضا عن إبن عباس ، قال السيوطي في تفسير الآية الكريمة من تفسير الدر المنثور : وأخرج إبن مردويه عن إبن عباس قال : لما نزلت :وآت ذا القربى حقه أقطع رسول الله (ص) فاطمة (ع) فدكا                           

وقال علي بن طاووس رحمه الله : وقد روى محمد بن العباس المعروف بابن الحجام حديث فدك عن عشرين طريقا ونذكر منها طريقا واحدا بلفظه قال : حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي وإبراهيم بن خلف الدوري وعبد الله بن سليمان إبن الاشعث ومحمد بن القاسم بن زكريا ، قالوا : حدثنا عباد بن يعقوب قال : أخبرنا علي بن عابس وحدثنا جعفر بن محمد الحسيني قال : حدثنا علي بن المنذر الطريقي قال : حدثنا علي بن عابس قال : حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي : عن أبي سعيد الخدري قال  لما نزلت : وآت ذا القربى حقه دعا رسول الله فاطمة وأعطاها فدك .                                        


عربي باي