.

.
الأحد، 28 يونيو 2015

و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض...


من سلسلة :: و أشرقت الأرض بنور ربها _ 2
تـحـــقـــيــق :: صفاء البدري

بسم الله الرحمن الرحيم

وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ استُضعِفُوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوَارِثِينَ  (القصص:5)


أن القرآن الكريم يخاطب الحاضنة الفكرية للانسان بكل طبقاتها و بكل أنواعها و لعل في هذه الآية الكريمة مثال على ذلك الخطاب , فالآية الكريمة على الرغم من وضوح مكنونها و صراحة خطابها فهي من أهم الآيات المختلف عليها . عند الامامية هذه الآية تعد من خطابات البارئ عز وجل التي وعد فيها اهل البيت (صلوات الله عليهم )  بتمام نصرته لهم بظهور أمره على يد المهدي المهدي المنتظر – ولعلها من الأيات التي رسخت فكرة المنقذ , بل و لخصت كذلك ماهية و مقدار احتياج الأمة الى هذا المنقذ , فنحن نحتاج معرفة احتياجاتنا من الأمام المهدي و ماذا يريد هو منّا , و من الآية الكريم بدا لنا أن بوجود هذا المنقذ  تتم تحقيق الارادة الالهية و هذا من واضح عظمة و أهمية الوجود المهدوي على الأرض . اذ ان الله عز وجل جعل على يديه تحقيق ارادته في ارضه , الآن ماهية الارادة الالهية تحتاج الى بحث مفصل لما فيها من مواطن اختلاف بين الامامية وغيرهم . 

ان الاختلاف الذي وقع فيه غير الأمامية عنهم و الذي يهمنا في موضوعنا هو من تصنيفات الاختلافات الجذرية . اذ يبدو أنهم لم ينكروا المقصد من الارادة و انما لم نجد في مصادرهم من الروايات التي تدل على ان هذه الأية فيها تأويل صريح يبنى عليه  الوجود المهدوي الا بعض الروايات المتفرقة و التي لم تتكلم بالصراحة التي تكلمت بها روايات اهل البيت ( صلوات الله عليهم )  , فالانكار وقع في مكنون و مضمون الأية الكريمة.



تفسير الأية عند الشيعة الامامية :

- في تفسير القمي الجزء الثاني للأية الخامسة من سورة القصص : 

ثم خاطب الله نبيه صلى الله عليه وآله فقال: (نتلوا عليك يا محمد من نبأ موسى وفرعون - إلى قوله - انه كان من المفسدين) فأخبر الله نبيه بما لقي موسى واصحابه من فرعون من القتل والظلم ليكون تعزية له فيما يصيبه في اهل بيته من امته ثم بشره بعد تعزيته انه يتفضل عليهم بعد ذلك ويجعلهم خلفاء في الارض وأئمة على امته ويردهم إلى الدنيا مع اعدائهم حتى ينتصفوا منهم فقال: (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما) وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم وقوله (منهم) اي من آل محمد (ما كانوا يحذرون) اي من القتل والعذاب ولو كانت هذه الآية نزلت في موسى وفرعون لقال ونري فرعون وهامان وجنودهما منه ما كانوا يحذرون اي من موسى ولم يقل منهم فلما تقدم قوله " ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " علمنا ان المخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله وما وعد الله به رسوله فانما يكون بعده والائمة يكونون من ولده وإنما ضرب الله هذا المثل لهم في موسى وبني اسرائيل وفي اعدائهم بفرعون وهامان وجنودهما فقال: إن فرعون قتل بني اسرائيل وظلم من ظلمهم فأظفر الله موسى بفرعون واصحابه حتى اهلكهم الله وكذلك اهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله اصابهم من اعدائهم القتل والغصب ثم يردهم الله ويرد اعداء‌هم إلى الدنيا حتى يقتلوهم.



- ما رواه الشيخ الصدوق في معاني الأخبار ص 79 بسنده عن المفضل بن عمر قال: (سمعتُ أبا عبدالله (ع) يقول: انَّ رسول الله (ص) نظر إلى عليٍّ والحسن والحسين (ﻉ) فبكى وقال: انتم المستضعفون بعدي، قال المفضَّل: فقلتُ له: ما معنى ذلك يا ابن رسول الله (ص): قال معناه انَّكم الأئمة بعدي، انَّ الله عزَّ وجلَّ يقول﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة .


- ما رواه الشيخ الصدوق في الأمالي ص566 بسنده عن أبي الصادق قال: قال لي عليٌّ (ع): هي لنا وفينا هذه الآية ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾



-ما رواه الطوسي في الغيبة ص184 بسنده عن محمد بن الحسين عن أبيه علي بن الحسين (ع) عن جدِّه عن عليٍّ (ع) في قوله تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾قال هم آل محمد، يبعث اللهُ مهديَّهم بعد جهدهم فيُعزِّهم ويذل عدوهم.

-ما رواه فرات الكوفي في تفسيره ص314 بسنده عن ثوير بن أبي فاخته قال: قال لي عليُّ بن الحسين (ع) أتقرأ القرآن؟ قال: قلتُ: نعم قال (ع): فاقرأ طسم سورة موسى وفرعون قال: فقرأتُ أربع آيات من أول السورة إلى قوله: ﴿وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ قال لي: مكانك، حسبك، والذي بعث محمدًا (ص) بالحق بشيرًا ونذيرًا إنَّ الأبرار من أهل البيت وشيعتهم كمنزلة موسى وشيعته .

- ما رواه الكليني في الكافي ج1ص306 بسنده عن أبي الصباح الكناني قال: نظر أبو جعفر (ع) إلى أبي عبدالله (ع) يمشي فقال: ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عزَّ وجلَّ ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ .


و روايات اخرى عديدة قريبة في مفادها من هذه الروايات , مقتضاها جميعاً هو تحقيق الارادة الالهية بتمكين آل محمد في الارض ( صلوات الله عليهم ) . و يبدو أن هذه الروايات لم تكن بصدد تفسير الأية الكريمة و لا في بيان سبب نزولها و لكن كونها مؤولة في أهل البيت عليهم السلام . 



أما عند غير الأمامية فلم نرَ الا بعض الروايات امثال :

- كتاب (شواهد التنزيل) بعض الروايات التي تشير الى ذلك، منها رواية عن علي (عليه السلام) انه قال عن الآية المذكورة: هي لنا - او فينا - (شواهد التنزيل 1/557).




 - أشار الفخر الرازي في تفسيره 22/230 الى مسألة الإمام المهدي (عليه السلام) في قوله تعالى: (( وَلَقَد كَتَبنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ )) (الانبياء:105)، حيث ذكر أن الأرض ترثها أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عند نزول عيسى بن مريم (عليه السلام)، وهذا يلازم ظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه) كما هو المنقول عن الفريقين.


اعلان 1
اعلان 2
عربي باي