.

.
الجمعة، 12 فبراير 2016

الشيعة و اتهامهم بتحريف القرآن

المصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج4 ، ص 449 ـ 452

(449)
مباحث الخاتمة
(3)


الشيعة واتّهامهم بتحريف القرآن

إنّ القرآن الكريم أحد الثقلين اللّذين تركهما النبي الأكرم ـ صلى الله عليه وآله 
وسلم ـ بين الأُمة الإسلامية ، وحث على التمسك بهما ، وأنّهما لا يفترقان حتى يردا 
عليه الحوض ، وقد كتب سبحانه على نفسه حفظه وصيانته وقال  : { إِنَّا نَحْنُ 
نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (1).
وقال ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : « إذا التبست عليكم الفتن كقطع 
الليل المظلم ، فعليكم بالقرآن ، فإنّه شافع مشفع ، وماحل مصدّق ، مَنْ جَعَلَهُ 
أمامه قاده إلى الجنة ، ومَن جعله خلفه ساقه إلى النار » (2).
وقال أمير المؤمنين علي ـ عليه السَّلام ـ : « إنّ هذا القرآن هو الناصح الّذي لا 
يغش ، والهادي الّذي لا يضلّ » (3).
وقال ـ عليه السَّلام ـ : « ثمّ أنْزَلَ عليه الكتاب نوراً لا تُطفأ مصابيحه ، 
وسراجاً لا يخبو توقده ، ومنهاجاً لا يضل نهجه... وفرقاناً لا يخمد برهانه » (4).
بل إنّ أئمة الشيعة جعلوا موافقة القرآن ومخالفته ميزاناً لتمييز الحديث
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سورة الحجر : الآية 9.
(2) ـ الكافي : ج 2 ص 238.
(3) - نهج البلاغة : الخطبة 176.
(4) - نهج البلاغة : الخطبة 198. 
________________________________________

(450)
الصحيح من الباطل ، قال الصادق ـ عليه السَّلام ـ : « ما لم يوافق من الحديث 
القرآن ، فهو زخرف » (1). 
ومع ذلك كله اتّهمَتِ الشيعة ـ اغتراراً ببعض الروايات الواردة في جوامعهم 
الحديثة ـ بالقول بتحريف القرآن ونقصانه ، غير أنّ أقطاب الشيعة وأكابرهم 
رفضوا تلك الأحاديث ، كما رفضوا الأحاديث الّتي رواها أهل السنة في مجال تحريف 
القرآن ، وصرّحوا بصيانة القرآن عن كل نقصان وزيادة وتحريف.  ونحن نكتفي 
فيما يلي بذكر بعض النصوص لأعلام الإمامية ، الواردة في هذا المجال :
1 ـ قال الصدوق ( م 381 هـ ) : « اعتقادنا في القرآن الّذي أنزله الله تعالى 
على نبيّه هو ما بين الدفتين ، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ، ومَن
نسب إلينا أنّا نقول إنّه أكثر من ذلك فهو كاذب » (2).
2 ـ وقال الشيخ المفيد ( م 413 هـ) : « قد قال جماعة من أهل الإمامة إنّه لم 
ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة ، ولكن حذف ما كان ثبتاً في مصحف 
أمير المؤمنين من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله ، وذلك ثابتاً منزلاً ، وإن لم 
يكن من جملة كلام الله الّذي هو المعجز ، وقد يسمّى تأويل القرآن قرآناً.
قال تعالى:  { وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ 
زِدْنِي عِلْمًا} (3) ، فسمّى تأويل القرآن قرآناً . وعندي أنّ هذا القول أشبه بمقال مَن 
ادّعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل ، وإليه أميل ، ولله 
أسال توفيقه للصواب ، وأمّا الزيادة فمقطوع على فسادها » (4).
3 ـ وقال الشيخ الطوسي ( م 460 هـ ) : أمّا الكلام في زيادته ونقصانه فممّا لا 
يليق به أيضاً ؛ لأنّ الزيادة فيه مجمع على بطلانها ، وأمّا النقصان منه ، فالظاهر أيضاً 
من مذهب المسلمين خلافه ، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا ، وهو الّذي نصره 
المرتضى ، وهو الظاهر في الروايات.. إلى أن قال : ورواياتنا متناصرة بالحث على
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ الكافي : ج 1، كتاب فضل العلم ، باب الأخذ بالسنة ، الحديث 4.
(2)-  عقائد الصدوق : ص 93 من النسخة الحجرية الملحقة بشرح الباب الحادي عشر.
(3) - سورة طه : الآية 114.
(4) - أوئل المقالات : ص 55. 
________________________________________

(451)
قراءته ، والتمسك بما فيه ، وردّ ما يرد من اختلاف الأخبار في الفروع إليه ، وعرضها 
عليه ، فما وافقه عُمِل به ، وما خالفه تُجُنِّب ، ولم يُلْتَفَت إليه » (1). 
4 ـ قال الطبرسي مؤلف مجمع البيان ( م  548) : « فأمّا الزيادة فمجمع على 
بطلانها ، وأمّا النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية أهل 
السنة أنّ في القرآن نقصاناً ، والصحيح من مذهبنا خلافه ، وهو الّذي نصره المرتضى
- قدس الله روحه -، واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء في جواب المسائل 
الطرابلسيات ، وذكر في مواضع أنّ العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان ،
والحوادث العظام ، والكتب المشهورة ، وأشعار العرب ، فإنّ العناية اشتدت ،
والدواعي توفرت على نقله وحراسته ، وبلغت إلى حدّ لم تبلغه فيما ذكرناه ؛ لأنّ 
القرآن معجزة النبوّة ، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد 
بلغوا في حفظه وحمايته الغاية ، حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته 
وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أنْ يكون مغيّراً ومنقوصاً مع العناية الصادقة والضبط 
الشديد (2).
هؤلاء هم أعلام الشيعة في القرون السابقة من ثالثها إلى سادسها ، ويكفي 
ذلك في إثبات انّ نسبة التحريف إلى الشيعة ظلم وعدوان .
وأمّا المتأخرون فحدّث عنه ولا حرج ، فهم بين مصرِّح بصيانة القرآن عن 
التحريف ، إلى باسط القول في هذا المجال ، إلى مؤلّف أفرده بالتأليف.
ونختم المقالة بكلمة قيمة للأُستاذ الأكبر الإمام الخميني قال : « إنّ الواقف 
على عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه ، قراءةً وكتابةً ، يقف على 
بطلان تلك المزعمة ( التحريف ) ، وأنّه لا ينبغي أن يركن إليها ذو مسكة ، وما 
ورد فيه من الأخبار ، بين ضعيف ، لا يستدل به ، إلى مجعول ، تلوح منه أمارات
الجعل ، إلى غريب ، يقضي منه العجب ، إلى صحيح ، يدل على أن مضمونه تأويل 
الكتاب وتفسيره ، إلى غير ذلك من الأقسام الّتي يحتاج بيان المراد منها إلى تأليف
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ التبيان : ج 1، ص 3.
(2) - مجمع البيان : المقدمة ، الفن الخامس ، ولاحظ بقية كلامه. 
________________________________________

(452)
كتاب حافل . ولولا خوف الخروج عن طور البحث ، لأوضحنا لك أنّ الكتاب هو 
عين ما بين الدفتين ، وأنّ الاختلاف في القراءة ليس إلاّ أمراً حديثاً لا صلة له بما نزل 
به الروح الأمين على قلب سيّد المرسلين » (1). 
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - تهذيب الأُصول : تقريراً لأبحاث الإمام الخميني في أُصول الفقه : ج 2، ص 96.


اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي