حسن هادي الموسوي
صفة اعتقاد الإمامية في التوحيد , ومعنى قوله تعالى "وجهه " " ويد الله " والخ .. في عقيدة الامامية
يقول الشيخ المفيد
اعلم انّ اعتقادنا في التوحيد أنّ اللّه تعالى واحد، أحد، لَيْسَ كَمِثْلِهِشَيْءٌ، قديم لم يزل و لا يزال، سميع، بصير، عليم، حكيم، حي، قيّوم، عزيز، قدوس، قادر،غني. لا يوصف بجوهر، و لا جسم و لا صورة، و لا عرض، و لا خط و لا سطح، و لا ثقل و لا خفّة، و لا سكون، و لا حركة، و لا مكان، و لا زمان. و أنّه تعالى متعال عن جميعصفات خلقه، خارج من الحدّين: حدّ الابطال و حد التشبيه. و أنّه تعالى شيء لا كالأشياء،أحد، صمد، لَمْ يَلِدْ فيورث، وَ لَمْ يُولَدْ فيشارك، و لم يكن له كف أحد و لا ند و لا ضد و لاشبه، و لا صاحبة، و لا مثل، و لا نظير، و لا شريك. لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ و الأوهام و هويدركها، لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ، ... وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ...،لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ، تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ. و من قال بالتشبيه فهو مشرك. و من نسب إلىالإمامية غير ما وصف في التوحيد فهو كاذب. و كل خبر يخالف ما ذكرت في التوحيد فهوموضوع مخترع، و كل حديث لا يوافق كتاب اللّه فهو باطل، و إن وجد في كتب علمائنا فهومدلّس.
و الأخبار التي يتوهّمها الجهّال تشبيها للّه تعالى بخلقه، فمعانيها محمولة على ما فيالقرآن من نظائرها .
لأنّ في القرآن: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ «1» و معنى الوجه: الدين و [الدين هو] الوجه الذي يؤتى اللّه منه، و يتوجّه به إليه.
و في القرآن: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ «2» و الساق: وجه الأمر وشدّته.
و في القرآن: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ «3» و الجنب: الطاعة.
و في القرآن: وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي*
«4» و الروح هي روح مخلوقة جعل اللّه منها في آدمو عيسى- عليهما السّلام-، و إنّما قال روحي كما قال بيتي و عبدي و جنّتي و ناري وسمائي و أرضي.
و في القرآن: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ «5» يعني نعمة الدنيا و نعمة الآخرة.
و في القرآن: وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ «6» و الأيد: القوّة، و منه قوله تعالى: وَ اذْكُرْ عَبْدَناداوُدَ ذَا الْأَيْدِ «7» يعني ذا القوّة.
و في القرآن: يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ «8» يعني بقدرتي و قوّتي.
و في القرآن: وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ «9» يعني ملكه، لا يملكها معه أحد.
و في القرآن: وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ «10» يعني بقدرته.
و في القرآن: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا «11» يعني و جاء أمر ربّك.
و في القرآن: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ «12» يعني عن ثواب ربّهم.
و في القرآن: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ «13» أي عذاباللّه.
و في القرآن: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «14» يعني مشرقة تنظر ثواب ربّها.
و في القرآن: وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى «15» و غضب اللّه عقابه، و رضاه ثوابه.
و في القرآن: تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ «16» أي تعلم غيبي و لا أعلمغيبك.
و في القرآن: وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ* «17» يعني انتقامه.
و في القرآن: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ «18».
و في القرآن: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ «19» و الصلاة من اللّه رحمة، و منالملائكة تزكية، و من الناس دعاء.
و في القرآن: وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ «20».
و في القرآن: يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ «21».
و في القرآن: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ «22».
و في القرآن: سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ «23».
و في القرآن: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ «24».
و معنى ذلك كلّه انّه عزّ و جلّ يجازيهم جزاء المكر، و جزاء المخادعة، و جزاء الاستهزاء، وجزاء السخرية، و جزاء النسيان، و هو أن ينسيهم أنفسهم، كما قال عز و جل: وَ لا تَكُونُواكَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ لأنّه عزّ و جلّ في الحقيقة لا يمكر، و لا يخادع، و لايستهزئ، و لا يسخر، و لا ينسى تعالى اللّه عزّ و جلّ عن ذلك علوّا كبيرا.
و ليس يرد في الأخبار التي يشنع بها أهل الخلاف و الإلحاد إلّا مثل هذه الألفاظ، ومعانيها معاني ألفاظ القرآن.
الايات المذكورة :
(1) القصص 28: 88.
(2) القلم 68: 42.
(3) الزمر 39: 56.
(4) الحجر 15: 29.
(5) المائدة 5: 64.
(6) الذاريات 51: 47.
(7) ص 38: 17.
(8) ص 38: 75.
(9) الزمر 39: 67.
(10) الزمر 39: 67.
(11) الفجر 89: 22.
(12) المطفّفين 83: 15.
(13) البقرة 2: 210.
(14) القيامة 75: 22، 23.
(15) طه 20: 81.
(16) المائدة 5: 116.
(17) آل عمران 3: 28.
(18) الاحزاب 33: 56.
(19) الاحزاب 33: 43.
(20) آل عمران 3: 54.
(21) النساء 4: 142.
(22) البقرة 2: 15.
(23) التوبة 9: 79.
(24) التوبة 9: 67.
المصدر : الشيخ المفيد (رحمه الله ) ؛ كتاب اعتقادات الامامية , ص 20-26 (باب صفة اعتقاد الامامية في التوحيد )
0 التعليقات :
إرسال تعليق