.

.
الاثنين، 24 أغسطس 2015

ملخصات عقائدية - الامامة | الجزء الثاني

صفاء البدري


الامامة ارفع رتبة من النبوة :
إنّ النبوّة هي رتبة لمن يتلقّى أخبار الغيب ليوصلها إلى الناس, والرسول هو: النبيّ الذي يأتي بشريعة خاصّة بوحي يوحى إليه؛ فهو أرفع مكانةً من النبيّ.. هذا عند أهل الاصطلاح, وقد يستعمل كلّ منهما في مقام الآخر تسامحاً ومجازاً.
وأمّا الإمام فهو: من كانت له مهمّة التطبيق وقيادة المجتمع البشري وتنفيذ الوحي، فهو أعلى رتبةً من النبيّ والرسول, وممّا يدلّ عليه - على سبيل المثال لا الحصر - أنّ الإمامة أعطيت لإبراهيم(عليه السلام) بعد مدّة طويلة من نبوّته ورسالته، وبعد خضوعه(عليه السلام) لأوامر امتحانيّة صعبة: (( وَإِذِ ابتَلَى إِبرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً )) (البقرة:124), والمتيقّن: أنّه(عليه السلام) كان نبيّاً ورسولاً قبل هذه الامتحانات لتلقّيه الكلمات من ربّه وحياً.
ليس كلّ نبيّ إمام, بل بعض الأنبياء اتّسموا بصفة الإمام أيضاً, كما أنّه ليس كلّ إمام نبيّ, فأئمّتنا(عليهم السلام) أئمّة وأوصياء, وهم ليسوا بأنبياء.

هل يمكن ان يجتمع امامين في زمن واحد ؟
يمكن تصوير عدم الإمكان بدليلين:
الدليل العقلي: بما أنّ الإمامة هي حجّة الله على الخلق، فهي عامّة لجميع البشرية قاطبة, فهنا نقول: إنّ كان الإمام الثاني موافقاً للأوّل في جميع ما يطرح وما ينفي وما يثبت، فيكون وجوده وتنصيبه للإمامة لغواً وعبثاً, وأمّا إن خالفه وعارضه، فهذا يستلزم كذب أحدهما، وهو خلاف كونه إماماً عامّاً للناس أجمعين.
الدليل النقليورد عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: (لا يكون إمامان إلاّ وأحدهما صامت)(1).


ما هو حد معرفة الامام ؟
يظهر من خلال بعض الروايات بأنه ليس لمعرفة الإمام حد محدود، بمعنى أنه لا يمكن للإنسان غير المعصوم أن يدرك حقيقة الإمام، فحينئذ أية معرفة يمكن أن تحصل لابد تكون فوقها معرفة أخرى، فلا يصح فرض حد نهائي لمعرفة الإمام، فقد ورد عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام حديثا مطولا في معنى الإمام ومقامه وحدود معرفته، نقتبس منه موضع الحاجة: قال عليه السلام:
(( بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد, وتوفير الفيء والصدقات، وإمضاء الحدود والأحكام، ومنع الثغور والأطراف. الإمام يحل حلال الله، ويحرم حرام الله، ويقيم حدود الله، ويذب عن دين الله، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة, والموعظة الحسنة، والحجة البالغة الامام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم وهي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار. الامام البدر المنير، والسراج الزاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي في غياهب الدجى وأجواز البلدان والقفار، ولجج البحار، الامام الماء العذب على الظماء والدال على الهدى، والمنجي من الردى، الامام النار على اليفاع، الحار لمن اصطلى به، والدليل في المهالك، من فارقه فهالك، الإمام السحاب الماطر، والغيث الهاطل، والشمس المضيئة، والسماء الظليلة، والأرض البسيطة، والعين الغزيرة، والغدير والروضة. الامام الأنيس الرفيق، والوالد الشفيق، والأخ الشقيق، والأم البرّة بالولد الصغير، ومفزع العباد في الداهية النآد، الامام أمين الله في خلقه، وحجته على عباده وخليفته في بلاده، والداعي إلى الله، والذاب عن حرم الله. الامام المطهر من الذنوب والمبرأ عن العيوب، المخصوص بالعلم، المرسوم بالحلم، نظام الدين، وعز المسلمين وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين، الإمام واحد دهره، لا يدانيه أحد، ولا يعادله عالم، ولا يوجد منه بدل ولا له مثل ولا نظير، مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب، بل اختصاص من المفضل الوهاب. فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام، أو يمكنه اختياره، هيهات هيهات، ضلت العقول، وتاهت الحلوم، وحارت الألباب، وخسئت العيون، وتصاغرت العظماء، وتحيرت الحكماء، وتقاصرت الحلماء، وحصرت الخطباء، وجهلت الألباء، وكلّت الشعراء، وعجزت الأدباء، وعييت البلغاء، عن وصف شأن من شأنه، أو فضيلة من فضائله، وأقرت بالعجز والتقصير، وكيف يوصف بكله، أو ينعت بكنهه، أو يفهم شيء من أمره، أو يوجد من يقوم مقامه ويغني غناه، لا كيف وأنى؟! وهو بحيث النجم من يد المتناولين، ووصف الواصفين، فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول عن هذا؟ وأين يوجد مثل هذا؟...)) الحديث (الكافي ج1 ص201)
 
وبما أنه ليس ثمة حد لمعرفة الإمام كما دلت عليه الرواية السابقة وجملة كبيرة من الروايات كرواية (نزلونا عن الربوبية وقولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا..) أو ما في معناها، فلابد إذن للعقلاء المعتقدين بالإمامة، أن لا يكتفوا بحد دانِ من معرفة الإمام، لأنه فرع التقصير في حقه، مع العلم أن المؤمنين في الآخرة يتفاضلون في الدرجات بحسب المعرفة، كما دلت عليه الأخبار.
أما الحد الداني من معرفة الإمام فهو حسبما جاء في حديث للإمام الصادق عليه السلام مع معاوية بن وهب (بحار الأنوار ج36/407) إلى أن قال عليه السلام: ...وأدنى معرفة الإمام أنه عدل النبي إلا درجة النبوة ووارثه، وإن طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله، والتسليم له في كل أمر والرد إليه والأخذ بقوله، ويعلم: أن الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم أنا ثم من بعدي موسى ابني ثم من بعده ولده علي وبعد علي محمد ابنه وبعد محمد علي ابنه وبعد علي الحسن ابنه والحجة من ولد الحسن.. الحديث

(1) الكافي للكليني 1: 178 كتاب الحجّة، باب أنّ الأرض لا تخلو من حجّة، الحديث (1).

المصدر : لقد قمنا بتلخيص الموضوع اعتمادا على بعض الابحاث و الاجوبة العقائدية في مركز الابحاث . 


اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي