.

.
الاثنين، 17 أغسطس 2015

ملخصات عقائدية - الامامة | الجزء الاول

صفاء البدري 



ما معنى الامامة عند الشيعة الامامية ؟ و ما فرقها عن الخلافة ؟

ذكروا في تعريف الخلافة أنّها: الرئاسة العامّة في التصدّي لإقامة الدين بإحياء العلوم الدينية وإقامة أركان الإسلام، والقيام بالجهاد وما يتعلّق به من ترتيب الجيوش والفرض للمقاتلة وإعطائهم من الفيء، والقيام بالقضاء وإقامة الحدود ورفع المظالم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نيابة عن النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)(1). وواضح أنّ المراد منها خاصّة عند العامّة: هي الخلافة الظاهرية ورئاسة الحكومة والإمارة، وهي تثبت لمن يقوم مقام النبيّ حتّى ولو لم ينصّبه النبيّ.
وهي عندنا لا تكون إلاّ بنص النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؛ لما عرفت من حقيقتها وأنّها نيابة عن النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في جميع شؤونه، وبالتالي تكون خلافة عن الله تعالى.

أمّا الإمامة فهي الخلافة الإلهية التي تكون متمّمة لوظائف النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وإدامتها، عدا الوحي, فكلّ وظيفة من وظائف الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، من: هداية البشر، وإرشادهم وسوقهم إلى ما فيه الصلاح والسعادة في الدارين، وتدبير شؤونهم، وإقامة العدل، ورفع الظلم والعدوان، وحفظ الشرع، وبيان الكتاب، ورفع الاختلاف وتزكية الناس وتربيتهم، وغير ذلك.. كلّها ثابتة للإمام، فما أوجب إدراج النبوّة في أُصول الدين هو بعينه الذي أوجب إدراج الإمامة بالمعنى المذكور فيها(3).
ويشهد لكون الإمامة من أُصول الدين: أنّ منزلة الإمام كمنزلة النبيّ في حفظ الشرع، ووجوب اتّباعه، والحاجة إليه، ورياسته العامّة، بلا فرق.
وقد وافق على أنّها من أُصول الدين جماعة من مخالفي الإمامية ، كالقاضي البيضاوي(4).
فالإمامة ليست مجرّد زعامة اجتماعية وسياسية, فلو كانت كذلك لكان الإنصاف أنّها من فروع الدين كسائر الواجبات الشرعية من الصوم والصلاة وغيرها، ولكن الشيعة لا يكتفون بمجرّد هذا المعنى، بل هي عندهم لطف إلهي كالنبوّة، فتكون أصلاً لا فرعاً.

الامامة اصل الاختلاف بين الامامية و غيرهم ؟

وأصل الاختلاف بين السُنّة والشيعة هو: في مسألة الخلافة, وباقي المسائل تتفرّع على هذا الأصل.
فالشيعة تستدلّ بالعقل والنقل على أنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يرحل من هذه الدنيا حتّى عيّن الخليفة من بعده بالاسم, شأنه شأن سائر الأنبياء قبله الذين عيّنوا أوصياء لهم.
والسُنّة تقول بأنّ الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) رحل من هذه الدنيا ولم يعيّن ولم ينصّ على أحد، بل ولم يذكر لهم طريقة انتخاب من بعده, بل ترك الأُمّة تفعل ما تشاء.
فعلى كلّ المسلمين البحث في جذور الاختلاف أوّلاً, وهي مسألة الإمامة بعد النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم), ومراجعة أدلّة الطرفين كلّ من كتبه, لا أن يعتمد على من نقل عنهم.


الامامة منصب الهي ؟


 انّ الشيعة الإمامية تعتقد بأنّ: الإمامة - والتي من خصائصها: قيادة الأُمّة الإسلامية - منصب إلهي, وجعل من الله تعالى, وأنّها حقّ من حقوق الله تعالى كالنبوّة.
فالمولى عزّ وجلّ هو الذي ينصّب من يكون إماماً للناس, وهو الذي يختار هذا الإنسان ويجعله إماماً دون غيره.

ودليلنا على هذا: آيات قرآنية، منها: 
1- قوله تعالى: (( وَإِذِ ابتَلَى إِبرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ )) (البقرة:124).
2- قوله تعالى: (( وَنُرِيدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ استُضعِفُوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوَارِثِينَ )) (القصص:5).
3- قوله تعالى: (( وَجَعَلنَاهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا )) (الأنبياء:73).
4- قوله تعالى: (( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرضِ )) (ص:26).
5- قوله تعالى: (( وَجَعَلنَا مِنهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا لَمَّا صَبَرُوا )) (السجدة:24).

إذاً، فالإمامة جعل من الله تعالى وعهد لا يناله من اتّصف بالظلم - سواء كان ظالماً لنفسه أو لغيره - ولا من تجبّر، ولا من لا يهدي إلاّ أن يُهدى، ولا الذي لا يصبر، وليس من حقّ الأُمّة أن تختار لها إماماً؛ لقوله تعالى: (( وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ وَلاَ مُؤمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم وَمَن يَعصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِيناً )) (الأحزاب:36).

من دلائل استمرار الامامة ؟

 قوله تعالى: (( وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجعَلُ فِيهَا مَن يُفسِدُ فِيهَا وَيَسفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعلَمُ مَا لاَ تَعلَمُونَ )) (البقرة:30).

أشارت هذه الآية المباركة إلى: 
أوّلاً: أنّ هذا الخليفة أرضي, وهو موجود في كلّ زمان, والدال على ذلك قوله: (( جَاعِلٌ )) لأنّ الجملة الاسمية, وكون الخبر على صيغة (فاعل) التي هي بمنزلة الفعل المضارع, تفيد الدوام والاستمرار, مضافاً إلى أنّ الجعل في اللغة، كما يقول الراغب في (المفردات)، له استعمالات متعدّدة، ومنها: (تصيير الشيء على حالة دون حالة)(1)، وهذا ما أكّده جملة من المفسّرين, كالرازي في (التفسير الكبير)(2)، والآلوسي في (روح المعاني)(3), وعندما يقارن هذا الجعل بما يناظره من الموارد في القرآن الكريم، نجد أنّه يفيد معني: السُنّة الإلهيّة، كقوله تعالى: (( جَعَلَ لَكُم مِمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً )) (النحل:81)، و(( وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً )) (نوح:16)، ونحوهما.

ثانياً: إنّ هذا الخليفة ليس هو مطلق الإنسان، فيكون من قبيل قوله تعالى: (( هُوَ الَّذِي جَعَلَكُم خَلاَئِفَ فِي الأَرضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيهِ كُفرُهُ )) (فاطر:39). وإنّما المقصود به: إنسان بخصوصه, وذلك بقرينة اللآيات اللاحقة التي أثبتت أنّ هذا الموجود الأرضي إنّما استحقّ الخلافة الإلهيّة لأنّه عُلّم الأسماء كلّها مباشرة منه تعالى؛ (( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسمَاءَ كُلَّهَا )) (البقرة:31)، ثمّ صار واسطة بينه تعالى وبين ملائكته؛ (( قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئهُم بِأَسمَائِهِم )) (البقرة:33)، ومن الواضح أنّه لا يمكن أن يراد به كلّ إنسان, حتّى أُولئك الذين عبّر عنهم القرآن الكريم: (( أُولَئِكَ كَالأَنعَامِ بَل هُم أَضَلُّ )) (الأعراف:179), إذاً فهذه الآية تدلّ على ضرورة استمرار الخلافة الإلهيّة.
 المصدر : لقد قمنا بتلخيص هذا الموضوع اعتمادا على مجموعة من الابحاث و الاجوبة العقائدية في مركز الابحاث العقائدية 

اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي